يرغب
الأطفال الصغار في أن يلبي الوالدان نداءهم فور الاحتياج إليهم، وكثيراً
ما تحدث مثل هذه المواقف في الوقت الذي يكون فيه الآباء مشغولين للغاية
وليس لديهم متسع من الوقت، فيلبون نداء أطفالهم في عجلة من أمرهم.
إلا
أن هذا الإيقاع المحموم يُزيد الطفل توتراً وصراخاً. لذا يُعد تحلي الآباء
بالهدوء الحل الأمثل لتهدئة الأطفال وإكسابهم صفة الصبر.
يقول
خبراء ألمان في مجال تربية الأطفال "إن الطفل الصغير يرغب دائماً في أن
يكون والداه رهن إشارته؛ فنجده لا يصبر على تنفيذ طلباته، حيث يقوم بشد
ثياب أبيه أو أمه ويدبدب على الأرض وينفجر في البكاء والصراخ، كي يحصل على
تلبية فورية لطلبه من أبويه".
هذا السلوك يتسبب بطبيعة الحال في
إزعاج الآباء وإثقال كاهلهم، لاسيما إذا كانوا منشغلين بتأدية إحدى مهام
المنزل كالطهي أو ترتيب المشتريات، مما يجعلهم يحاولون الإسراع في إنجاز
تلك المهام من أجل تلبية متطلبات طفلهم.
ولكن للآسف لا تساعدهم هذه
العجلة في تهدئة الطفل على الإطلاق، لكن غالباً ما يزداد توتره، فإذا لاحظ
الطفل وقوع أمه تحت الضغط العصبي، فسوف يزداد صراخه وبكاؤه.
لذا من
الأفضل أن يحاول الآباء التحلي بالهدوء في مثل هذه المواقف وقول عبارات
واضحة لطفلهم. وذلك سيمكنهم إلزام طفلهم بالصبر على طلبه، حتى ينتهون من
مهامهم.
• كيف تعلمين طفلك الصبر؟
من
الضروري أن يتعلم الأطفال الصبر، وإن التحكم في العاطفة وتحمل الإحباط
يُسهمان في تعلم الطفل الصبر على تنفيذ مطالبه، وبطبيعة الحال يحتاج
الأطفال الصغار إلى مساعدة آبائهم، كي يعلموهم ذلك.
من الأفضل أن
تحتضن الأم طفلها في هذا الوقت وتحاول تهدئته بأن تشرح له أنه ليس لديها
وقت الآن، فشعور الطفل بهدوء أبويه يُسهم في تهدئته.
وعلى سبيل
المثال يُمكن للطفل ذي العام والنصف فهم أمه عندما تقول له "أعلم أنك ترغب
شيئاً مني، لكن بمجرد أن انتهي من طهي الحساء سوف ألعب معك".
فالأطفال بحاجة إلى مثل هذا الوضوح في التعامل معهم؛ ويُسهم ذلك في شعور الطفل بالأمان.
وكذلك
لن يُجدي الإسراع في إنجاز المهام أي نفع على الإطلاق، إذا ما قام الطفل
مثلاً بالدق على باب المنزل؛ لأنه يُريد الوصول إلى ساحة اللعب، في الوقت
الذي تحزم فيه الأم حقيبتها بالفعل استعداداً للخروج.
لذا ينبغي على
الأم في هذا الوقت إشراك طفلها في تحزيم الأغراض داخل الحقيبة، بأن تطلب
منه مثلاً "هلا أحضرت لي المجراف"؛ حيث يشعر الأطفال بالسعادة والرضا عندما
يسمح لهم الآباء بالمساعدة في تأدية أية مهام، كما يُسهم ذلك في القضاء
على استعجالهم لآبائهم ويُعلمهم الصبر.
• المحاولة والتجربة:
وجديرٌ
بالذكر أن الأطفال بطبيعتهم مولعون باكتشاف العالم من حولهم، فهم دؤوبين
على البحث والتجربة والتعلم؛ فنجدهم يهتمون مثلاً بتعلم كيفية فتح سحّاب
الملابس بأنفسهم وكذلك معرفة كيفية إدخال القدم داخل الحذاء على نحو سليم،
بل ويحاولون مراراً وتكراراً كي يتعلمون ارتداء الملابس بأنفسهم.
لذا
نجد بعضهم لا ييأس على الإطلاق من محاولة إدخال قدمه في الحذاء، محاولاً
ارتداء الحذاء بنفسه، إذ يستمر في ذلك مهما طال به الوقت حتى ينجح بالفعل.
بينما يُحبط البعض الآخر إذا ما باءت محاولته الأولى بالفشل ويُلقي بالحذاء
غاضباً في زاوية الغرفة.
من الأفضل أن يُطلع الآباء طفلهم على أنه
عادةً لا ينجح الإنسان في تعلم أي شيء من المرة الأولى، بل وأحياناً يكون
تكرار المحاولة ضرورياً، كي لا ينسى الإنسان ما يتعلمه بعد ذلك. كما ينبغي
على الآباء تهيئة طفلهم للإقدام على المحاولة والتجربة للمرة الثانية وهو
سعيد بذلك.
ومن اللافت للنظر أنه عادةً ما يختار الأطفال الأوقات
غير المناسبة من أجل تنفيذ محاولاتهم، فإذا أراد الطفل مثلاً تجربة ارتداء
حذائه بنفسه في الوقت الذي يتوجب على الأم الذهاب إلى العمل، حينئذٍ تنصح
الأم بمحاولة تعليم طفلها الصبر بأنه تقول له مثلاً "سوف أقوم أنا الآن
بربط الحذاء ولكن سيُمكنك بعد الظهيرة أن تجرب ذلك بنفسك".
وأخيراً
تجدر الإشارة إلى أنه ينبغي على الآباء التحلي بالصبر، إذا ما أردوا أن
يعلموا طفلهم الصبر.. لذا فعليهم أن يصبروا على طفلهم وأن يعطوه وقتاً
كافياً لاكتشاف العالم من حوله. وكذلك من المهم أن يدع الآباء طفلهم يلعب
بهدوء دون إزعاجه بشكل متكرر.
د ب أ ـ كويت نيوز
طباعة
ارسال