يعاني أكثر من واحد من كل خمسة كويتيين من هذا مرض السكري، ويقول خبراء إنه نتيجة للثروة النفطية أصبح بالكويت ودول الخليج بعضاً من اعلى معدلات دخل الفرد في العالم.. لكن هذا ايضاً أدى الى نمط حياة ينطوي على الإسراف في تناول الطعام وتناول وجبات نسب السكر فيها عالية ووظائف مريحة، علاوة على الاعتماد الشديد على السيارات في التنقل مما أدى الى تفشي مرض السكري بالمنطقة.
ويقول الاتحاد الدولي للسكري وهو منظمة تنضوي تحت لوائها اكثر من 200 منظمة وطنية "إن خمساً من الدول العشر التي توجد بها أعلى معدلات لانتشار المرض هي من دول مجلس التعاون الخليجي الست".
وتحتل الكويت المركز الثالث بينما تحتل قطر المركز السادس والسعودية السابع والبحرين الثامن والإمارات العاشر.
وبقية الدول العشر هي من دول جزر المحيط الهادي ذات اعداد السكان الصغيرة بخلاف لبنان الذي يحتل المركز الخامس.
نسبة مرتفعة:
ويعاني 21.1 في المئة من السكان في الكويت من داء السكري، في حين أن معدلات الانتشار تبلغ نحو 20 في المئة في دول مجلس التعاون الاخرى، وفقا لما اظهرته ارقام الاتحاد الدولي لمرض السكري. ويبلغ المعدل في الولايات المتحدة 9.6 في المئة وعلى مستوى العالم 8.5 في المئة.
وقال عبد المحسن الشمري استشاري الغدد الصماء بمستشفى مبارك الكبير بالكويت "إن المشكلة منتشرة على نطاق واسع في الكويت، ومن الطبيعي الآن أن يكون نصف الحاضرين بحفل عشاء مصابين بالسكري وأن يسألوا بعضهم بعضا عن الأدوية التي يتناولونها بعد أن يأكلوا".
ويقول علماء إن عوامل وراثية فيما يبدو تسهم في انتشار مرض السكري بالخليج
ومرض السكري هو مرض مزمن يعاني جسم المصاب به صعوبة في امتصاص السكريات، ويرتبط هذا المرض بشدة بالسمنة المفرطة. ويمكن أن يؤدي الى مشاكل في القلب والاوعية الدموية والعمى وجلطات المخ وامراض الكلى إذا لم يتم التعامل معه بشكل مناسب.
نمط الحياة.. عامل أساسي:
وقالت مها تيسير المتخصصة في الغدد الصماء بمركز امبريال كوليدج لندن للسكري "منذ نحو جيلين او ثلاثة كان الكثير من سكان المنطقة يكسبون قوتهم من خلال العمل في مهن شاقة مثل الصيد ورعي الماعز وصيد اللؤلؤ.
وغيرت تنمية ثروة الخليج النفطية نمط الحياة بصورة حادة، فأغرت عشرات الآلاف من الناس بالعمل في وظائف مريحة في مؤسسات حكومية تتمتع بتمويل سخي او تقدم لهم إعانات بطالة كافية.
اما الوظائف التي تحتاج لمجهود بدني شاق في دول الخليج مثل العمل في المقاولات وتشغيل حقول النفط فيشغلها بالكامل تقريبا ملايين المغتربين.
وفي مواجهة الاضطرابات التي اجتاحت الشرق الاوسط العام الماضي قدم حكام الخليج برامج مساعدات سخية لمواطنيهم ليشتروا السلام الاجتماعي، ويعترف مسؤولون بالخليج في أحاديث خاصة بأن هذا يهدد بتقليل الضغط على الناس ليعملوا.
وقالت تيسير "الرياضة هي اهم عامل في خفض السكري... لكن إقناع المرضى هنا باتباع نمط حياة لا يريدونه يحتاج الى جهد كبير."
ويعتقد بعض سكان الخليج ان حرب الخليج الاولى ضد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين التي دارت في عامي 1990 و1991 ربما اسهمت بشكل غير مباشر في انتشار السمنة من خلال نشر ثقافة الوجبات السريعة. وازدهرت متاجر الوجبات السريعة في الكويت والسعودية وغيرها من الدول حيث تمركز الآلاف من الجنود الامريكيين وظلت جزءا من ثقافة الحياة اليومية بعد انسحابهم.
وقال الفضلي "نمط الحياة والرفاهية التي نعيش فيها وقلة ممارسة الحركة وثقافة الوجبات السريعة الدسمة كلها عوامل تسهم... الطعام يتم توصيله والاطفال يلعبون وهم جالسون امام اجهزة الكمبيوتر حتى امتحان التربية الرياضية تحريري".
تكاليف باهظة:
أظهرت دراسة اجرتها هيئة الصحة في ابوظبي أن اجمالي التكلفة الاجتماعية للمرض تقدر بنحو 1.9 مليار دولار.
وبخلاف التكاليف المالية الفورية فإن مرض السكري قد يهدد خطط التنمية على المدى الطويل لدول الخليج. وتدرك هذه الدول ان اعتمادها على النفط يجعلها عرضة للتأثر بالأسواق العالمية لهذا تسعى الى تنويع اقتصاداتها وضم المزيد من ابناء شعوبها الى قوة العمل.
وقال مايلز "كيف تستطيع أن تطور اقتصادك اذا كان خمس شعبك مريض؟".
التوعية ضرورية:
وتواجه الحكومات المشكلة من خلال إطلاق حملات توعية جماهيرية للتشجيع على اتباع انظمة غذائية صحية وممارسة الرياضة والخضوع للفحص الطبي المبكر.
ومنذ عام 2007 عمل مركز امبريال كوليدج لندن للسكري على حملة وطنية في الامارات تضمنت سلسلة من اللقاءات الجماهيرية وتحاليل الدم المجانية وسباق سنوي للمشي وترتيب انشطة رياضية في اماكن العمل.
في الكويت وقطر والسعودية عملت شركة (إم.إس.دي) مع السلطات لوضع برنامج تدريبي للممرضات بشأن استشارات السكري وكتاب طهي للسكري وتطبيق للآي فون يقدم نصائح لمرضى السكري بشأن كيفية الصوم في شهر رمضان.
لكن خبراء يعترفون بأن تغيير الثقافة التي تساعد على انتشار السكري سيستغرق سنوات.
وقال مايلز "هناك حاجة الى مزيد من التنسيق بين الوزارات المختلفة حتى تفكر الجهات المسؤولة عن المرور في تجهيز أرصفة لتسهيل المشي، وفي نفس الوقت تفكر الهيئات الصحية في تشجيع ممارسة النشاط البدني لتقليل السمنة المفرطة والسكري".
وأضاف "هناك مزيد من الوعي بالحاجة الى التنسيق بين الوزارات المختلفة والمخططين، لكن لا شك أن هذا سيستغرق وقتا حتى يبدأ تنفيذه.. في الوقت نفسه نحن بحاجة الى اكبر قدر ممكن من كشف هذا المرض والتوعية به".
رويترز
طباعة
ارسال