يعرف الحبن
بأنه تراكم السائل الحر ضمن جوف البريتوان. بينما يعد التشمع سبباً شائعاً
له توجد أسباب أخرى يجب التفكير بها حتى عند المريض المصاب بداء كبدي مزمن
(انظر الجدول 27).
الجدول 27:
أسباب الحبن.
|
أسباب شائعة:
|
·
الأمراض الخبيثة: الكبدية، البريتوانية.
·
قصور القلب.
·
التشمع الكبدي.
|
أسباب أخرى:
|
·
نقص بروتينات الدم:
-
المتلازمة الكلائية.
-
الاعتلال المعوي المضيع للبروتين.
-
سوء التغذية.
·
الانسداد الوريدي الكبدي:
-
متلازمة بود-كياري،
-
الداء الوريدي الساد.
·
التهاب المعثكلة.
·
الانسداد اللمفاوي.
·
الخمج: التدرن،
التهاب البريتوان الجرثومي العفوي.
|
أسباب نادرة:
- متلازمة ميغ.
- التهاب
الأوعية.
- قصور الدرق.
- التحال
الكلوي.
|
A. الآلية الإمراضية:
يسبب القصور الكبدي وارتفاع التوتر
البابي الملاحظ في التشمع احتباساً عاماً للصوديوم والماء في الجسم. وتوضع
السائل في الجوف البريتواني نتيجة الضغط الوريدي المرتفع ضمن الدوران
المساريقي.
إن آلية احتباس الماء والصوديوم غير
معروفة، ولكن توجد نظريتان لتفسيره، الأولى تفترض أنه بعد فقد السائل إلى
البريتوان يحدث احتباس كلوي معاوض للماء والصوديوم (نظرية الامتلاء
الناقص)، بينما تفترض الثانية أن حبس الكلى للماء والصوديوم هو الحدث الأول
الذي يؤدي لزيادة تدفق السائل إلى جوف البريتوان (نظرية الامتلاء المفرط).
ربما يكون التوسع الوعائي الحشوي
الذي يؤدي لنقص في الحجم الدوراني الفعال أهم عامل ممرض. (نظرية الموسع
الوعائي) يؤدي ذلك لتفعيل نظام الرينين-أنجيوتنسين مع ما يرافقه من فرط
ألدوستيرونية ثانوية وزيادة تفعل الجملة العصبية الودية وتبدل في إفراز
الهرمون الأذيني المدر للصوديوم وتبدل فعالية نظام كاليكرين - كينين (انظر
الشكل 17).
|
الشكل 17: الآلية الإمراضية للحبن. |
B. المظاهر السريرية:
يسبب الحبن تمدد البطن مع امتلاء الخاصرتين وانزياح الأصمية بالقرع وظهور هرير Thrill عندما تكون كمية الحبن كبيرة (انظر الشكل 18).
|
الشكل 18: تورم البطن عند المصاب بالحبن. |
لا تظهر هذه العلامات إلا بعد أن يزيد حجم سائل
الحبن عن ليتر واحد حتى ولو كان المريض نحيفاً، وقد يصعب كشف الكميات
الأكبر من السائل فيما لو كان هذا المريض بديناً. تشمل المظاهر المرافقة
كلاً من تشوه شكل السرة أو انقلابها والفتق وظهور الخطوط البطنية وتباعد
(افتراق) المستقيمتين، وأحياناً يحدث ألم الفخذ بشواش الحس ووذمة في الصفن.
قد يشاهد انصباب الجنب عند حوالي 10% من المرضى، على الجانب الأيمن عادة.
يكون هذا الانصباب قليلاً في معظم
الأحيان ولا يكشف إلا بصورة الصدر البسيطة، ولكن قد يحدث موه صدر شديد
أحياناً. يجب ألا نفترض أن انصبابات الجنب (ولاسيما التي تحدث على الجهة
اليسرى) ناجمة عن الحبن.
C. الاستقصاءات:
يعد التصوير بأمواج فوق الصوت الطريقة الأفضل لتأكيد وجود الحبن، ولاسيما
عند المرضى البدينين أو الذين يكون لديهم كميات ضئيلة فقط من السائل. قد
تظهر صور البطن الشعاعية البسيطة الحبن ولكنها غير حساسة وغير نوعية.
يمكن اللجوء لبزل البطن لتأكيد وجود الحبن أيضاً، ولكنه يفيد أكثر للحصول
على عينة من سائل الحبن لفحصه (قد يتم ذلك بتوجيه التصوير بأمواج فوق الصوت
إذا دعت الحاجة. قد يساعد مظهر سائل الحبن في تخمين السبب المستبطن (انظر
الجدول 28).
الجدول 28: العلاقة بين مظهر سائل الحبن والسبب المستبطن.
|
السبب
|
المظهر
|
التشمع:
|
رائق أو بلون قشي أو بلون أخضر فاتح.
|
الخباثة:
|
مدمى.
|
الخمج:
|
عكر.
|
الاتصال الصفراوي:
|
مصطبغ بالصفراء بشدة.
|
الانسداد اللمفاوي:
|
أبيض-حليبي (كيلوسي*).
|
*: إن الدقائق الكيلوسية ذات اللون الأبيض الحليبي تطفو
بالتنبيذ.
|
يقاس تركيز بروتين سائل الحبن ومدروج (ألبومين
المصل - سائل الحبن) بقصد التمييز بين شكلي الحبن الرشحي Transudative
والنتحي Exudative.
فالحبن الذي يقل تركيز البروتين فيه
عن 25 غ/ليتر أو يكون مدروج (ألبومين المصل - سائل الحبن) فوق 1.5 (رشحي)
يكون ناجماً عادة عن التشمع.
أما الحبن النتحي (تركيز بروتين
سائل الحبن فوق 25 غ/ليتر أو مدروج [ألبومين المصل – سائل الحبن] دون 1.5)
فيرجح احتمال الخمج (ولاسيما التدرن) أو الخباثة أو الانسداد الوريدي
الكبدي أو الحبن المعثكلي أو في حالات نادرة يرجح قصور الدرق.
إن فعالية أميلاز سائل الحبن التي
تزيد عن 1000 وحدة/ليتر تشخص الحبن المعثكلي، بينما يشير انخفاض تركيز
غلوكوز سائل الحبن إلى الخباثة أو التدرن.
قد يظهر الفحص الخلوي لسائل الحبن
وجود خلايا خبيثة، وإن وجود كريات بيض متعددة أشكال النوى بتعداد يزيد عن
250 كرية /ملم3 يشير بقوة للخمج (التهاب البريتوان الجرثومي العفوي). إن
تنظير البطن إجراء مفيد لكشف الأمراض البريتوانية.
D. التشخيص:
تنجم معظم حالات الحبن عن مرضٍ خبيث
أو عن التشمع أو قصور القلب، ولكن وجود التشمع لا يعني حتماً أنه هو سبب
الحبن وهذا الأمر وارد ومهم بشكل خاص عندما تكون الوظيفة الكبدية جيدة أو
عندما لا توجد دلائل على ارتفاع التوتر البابي وعند مثل هؤلاء المرضى يجب
البحث عن أحد اختلاطات التشمع مثل كارسينوما الخلية الكبدية أو خثار وريد
الباب، أو يجب التفكير بسبب آخر (لا علاقة له بالتشمع) للحبن.
E. التدبير:
إن العلاج الناجح للحبن يزيل انزعاج
المريض ولكن لا يطيل حياته. وقد يسبب العلاج العنيف اضطرابات خطيرة في
توازن السوائل والشوارد وقد يحرض اعتلالاً دماغياً كبدياً. تهدف المعالجة
التقليدية لإنقاص محتوى الجسم من الماء والصوديوم بتحديد الوارد منهما
وتحريض الإدرار وعند الضرورة قد يستطب رشف سائل الحبن مباشرة.
إن أسهل طريقة لتخمين مقدار الضياع
اليومي من الماء والصوديوم هي بوزن المريض بشكل منتظم. لا يمكن أن يتحرك
أكثر من 900 مل من السائل من البريتوان يومياً وبالتالي يجب ألا يقل وزن
المريض يومياً أكثر من 1 كغ لتجنب نضوب السائل في مناطق الجسم الأخرى.
1. تحديد الصوديوم والماء:
إن تحديد الوارد من الصوديوم مع
القوت ضروري لتحقيق توازن صوديوم سلبي عند مرضى الحبن. قد يكون تحديد
الصوديوم لـ80 ميلي مول/اليوم (لا يضاف الملح إلى الطعام) كافياً، ولكن
تحديده إلى 40 ميلي مول/اليوم ضروري في حالات الحبن الأكثر شدة ويحتاج ذلك
لمراقبة مشددة مباشرة للقوت.
يجب تجنب الأدوية التي تحوي كميات
كبيرة نسبياً من الصوديوم وتلك التي تحرض احتباسه مثل مضادات الالتهاب
اللاستيروئيدية (انظر الجدولين 29 و 30).
الجدول 29: بعض الأدوية التي تحوي كميات كبيرة نسبياً من
الصوديوم أو تلك التي تسبب احتباسه.
|
الأدوية التي تحوي كميات كبيرة من الصوديوم:
|
·
مضادات الحموضة.
·
أسبيرين.
·
فينتوئين.
·
صوديوم فالبروات.
·
الألجينات.
·
الصادات الحيوية (انظر
الجدول 30).
·
المحضرات الفوارة:
الأسبيرين، كالسيوم، باراسيتامول.
|
الأدوية التي تسبب احتباس
الصوديوم:
|
·
كاربينوكسولون.
·
مضادات الالتهاب
اللاستيروئيدية.
·
الستيروئيدات القشرية.
·
ميتوكلوبراميد.
·
ديازوكسيد.
·
الأوستروجينات.
|
الجدول 30: بعض الصادات الحيوية ذات المحتوى المرتفع من
الصوديوم.
|
·
أموكسيسيللين.
·
أمبيسيللين.
·
سيفوكسيتين.
·
سيفرادين.
·
كلورامفينيكول.
·
فلوكلوكساسيللين.
|
·
بنزيل بنسيللين.
·
سيفوتاكسيم.
·
سيفتازيديم.
·
سيفوروكسيم.
·
بيبيراسيللين.
·
تيكارسيللين.
|
ملاحظة: الزايدة
الهامة من الوارد من الصوديوم الناجمة عن العلاج بالصادات تحدث فقط خلال إعطاء
كميات كبيرة (غرامات) من الدواء حقناً خلالياً. إن الجرعات القصوى من الصادات
المذكورة أعلاه المعطاة حقناً خلالياً تزيد معدل الوارد اليومي من الصوديوم
بقيمة 20-50 ميلي مول. إن الأدوية التي لا تحوي الصوديوم ضمن تركيبها تزيد
الوارد منه فيما لو تم تسريبها ضمن محاليل تحوي الصوديوم. نادراً ما تزيد الصادات
الحيوية الفموية الواردَ من الصوديوم ولكن قد يحدث ذلك عند استخدام الفوسيدين أو
بارا-أمينوساليسيلات.
|
إن تحديد الوارد من الماء إلى 0.5-1 ليتر/اليوم
ضروري فقط في حال انخفض تركيز صوديوم البلازما إلى ما دون 125 ميلي
مول/ليتر. يمكن بهذا الأسلوب تدبير عدد قليل من المرضى بشكل آمن وفعال.
2. الأدوية المدرة:
يحتاج معظم المرضى للأدوية المدرة
بالإضافة لتحديد الصوديوم. يعد محضر سبيرونولاكتون (100-400 ملغ/اليوم)
الدواء المنتخب من أجل العلاج طويل الأمد بسبب قوته المعاكسة للألدوستيرون،
ولكنه قد يسبب تثدياً مؤلماً وفرط بوتاسيوم.
يحتاج بعض المرضى لمدرات العروة
أيضاً (مثل فورسيميد) مع العلم أنها قد تسبب اضطراب توازن السوائل والشوارد
واضطرابات كلوية. يتحسن الإدرار فيما لو كان المريض مستلقياً في الفراش
خلال فترة تأثير المدرات ربما لأن معدل الجريان الدموي الكلوي يزداد
بالوضعية الأفقية.
3. البزل:
استخدم دائماً بزل 3-5 ليتر على مدى 1-2 ساعة بقصد إزالة الضائقة القلبية التنفسية (بشكل فوري) الناجمة عن الحبن الشديد.
إن الاعتماد على بزل حجوم كبيرة فقط يعد مقاربة علاجية خطيرة ومأساوية
النتائج. على كل حال فإن البزل بقصد التجفيف أو لإزالة 3-5 ليتر من السائل
يومياً إجراء آمن بشرط دعم الحالة الدورانية للمريض بتسريب محلول غرواني
مثل محلول الألبومين البشري (6-8 غ مقابل كل ليتر يبزل من سائل الحبن) أو
أي محلول آخر ممدد للحجم البلازمي.
يمكن إجراء بزل كلي لسائل الحبن كخطوة علاجية أولية أو عند فشل المقاربات العلاجية الأخرى.
4. مسرب لي فين:
هذا المسرب عبارة عن أنبوب طويل مزود بدسام عدم الرجوع يمتد تحت الجلد من
جوف البريتوان إلى الوريد الوداجي الباطن في العنق، وبالتالي يسمح لسائل
الحبن بالجريان مباشرة إلى الدوران الجهازي.
هذه الطريقة فعالة في حالة الحبن المعند على العلاج التقليدي، ولكنها
تترافق مع عدة اختلاطات مثل الخمج وخثار الوريد الأجوف العلوي ووذمة الرئة
والنزف من الدوالي المريئية والتخثر المنتشر داخل الأوعية، هذه المشاكل قد
حدت من استخدامه.
5. المسرب القالب البابي الجهازي داخل الكبدي عبر الوداجي:
يمكن لهذا المسرب أن يزيل الحبن المعند ولكنه لا يطيل البقيا. يمكن
استخدامه في حالة كانت الوظيفة الكبدية مقبولة أو عند المرضى الذين ينتظرون
أن يجرى لهم زرع كبد. يجب عدم استخدامه عند مرضى المراحل النهائية.
F. الإنذار:
إن الحبن تطور خطير في سياق التشمع لأن 10-20% فقط يعيشون لمدة 5 سنوات بعد
ظهوره. الإنذار ليس سيئاً بشكل مطلق، حيث يكون بأفضل حالاته عند المرضى
ذوي الوظائف الكبدية الجيدة والذين استجابوا للعلاج بشكل مقبول. كذلك يكون
الإنذار أفضل في حال كان سبب التشمع قابلاً للعلاج أو في حال اكتُشِفَ سبب
محرض للحبن مثل الإفراط بتناول الملح.
G. الاختلاطات:
قد يتعرقل الحبن بالأخماج التي قد تكون عفوية (انظر لاحقاً)، أو قد تكون
ناجمة (وهو الأشيع) عن مقاربات باضعة تشخيصية أو علاجية مثل التنظير الهضمي
العلوي والمعالجة المصلبة. كذلك قد يتعرقل الحبن بالقصور الكلوي، إن كلا
هذين الاختلاطين (الخمج والقصور الكلوي) ذا دلالة إنذارية سيئة وقد يفرضان
ضرورة اللجوء لزرع الكبد بشكل ملح.
التهاب البريتوان العفوي الجرثومي (SBP):
SPONTANEOUS BACTERIAL PERITONITIS:
إن مرضى التشمع مؤهبون جداً للإصابة بخمج سائل الحبن كجزء من أهبتهم العامة
للإصابة به. يتظاهر التهاب البريتوان العفوي الجرثومي فجأة بألم بطني ومضض
ارتدادي وغياب الأصوات المعوية والحمى عند مريض لديه مظاهر واضحة تشير
للتشمع والحبن.
تكون العلامات البطنية خفيفة أو غائبة عند حوالي ثلث المرضى. حيث تكون
الحمى والاعتلال الدماغي الكبدي المظهرين الرئيسين. قد يظهر بزلُ السائل
الحبن التشخيصي أنه عكر ويكون تعداد العدلات فيه أكثر من 250 كرية/ملم3
(مؤشر قوي على الخمج). لا يمكن عادة تحديد مصدر الخمج، ولكن معظم العوامل
الممرضة المعزولة من الدم أو من سائل الحبن تكون ذات منشأ معوي، وتكون
الأيشيرشيا القولونية أشهر عامل ممرض يعزل كسبب لهذا الخمج.
إن زرع سائل الحبن في قوارير زرع الدم يساعد بشكل كبير على نمو وكشف
العوامل الممرضة. يجب تمييز التهاب البريتوان الجرثومي العفوي عن بقية
الحالات الإسعافية البطنية، وإن وجود العديد من العوامل الممرضة بالزرع يجب
أن يثير الشك بوجود حالة انثقاب حشا أجوف.
يجب البدء بالعلاج فوراً بإعطاء الصادات الحيوية الواسعة الطيف مثل
سيفوتاكسيم. إن نكس التهاب البريتوان الجرثومي العفوي شائع وقد يمكن تخفيض
نسبة النكس بإعطاء المريض محضر نورفلوكساسين بجرعة 400 ملغ يومياً. سجلت
العديد من حوادث خمج تجمعات السوائل الأخرى (عند مرضى التشمع) مثل الانصباب
الجنبي أو التاموري.
|
EBM
|
|
|
|
التهاب
البريتوان الجرثومي العفوي: العلاج والوقاية:
|
إن العلاج التجريبي بالصادات الحيوية يحسن الإنذار عند
المرضى الذين يزيد تعداد العدلات ضمن سائل الحبن لديهم عن 250 كرية/ملم3.
يعد السيفوتاكسيم (بجرعة تزيد عن 2 غرام كل 12 ساعة لمدة 5 أيام كحد أدنى) أو
بقية السيفالوسبورينات أو الأموكسيسيللين-كلافولينيك أسيد بجرعاتها المعيارية،
تعد كل هذه الصادات الأدوية المنصوح بها في هذا المجال. يمكن منع نكس التهاب
البريتوان الجرثومي العفوي عند المريض الذي أصيب سابقاً بعدة هجمات منه (ولا زال
مصاباً بحبن مستمر) بإعطائه محضر نورفلوكساسين بجرعة 400 ملغ يومياً.
|
ديفيدسون
طباعة
ارسال