إن الاعتلال
الدماغي الكبدي متلازمة عصبية نفسية تنجم عن المرض الكبدي. تحدث غالباً
عند مرضى التشمع ولكنها قد تحدث أيضاً عند المصابين بالقصور الكبدي الحاد.
A. السببيات:
يعتقد أن الاعتلال الدماغي الكبدي ينجم عن اضطراب كيماوي حيوي يتناول
الوظيفة الدماغية لأنه عكوس ولا يسبب تبدلاً تشريحياً مرضياً ملحوظاً في
الدماغ. إن القصور الكبدي وشنت الدم البابي الجهازي عاملان مهمان يحرضان
الاعتلال الدماغي الكبدي، ويختلف التوازن بينهما من مريض لآخر. يعد القصور
الكبدي ولو بدرجة خفيفة عاملاً ثابتاً لأنه من الصعب للشنت البابي الجهازي
أن يسبب الاعتلال الدماغي فيما لو كانت الوظيفة الكبدية طبيعية.
إن معرفتنا بالذيفانات العصبية التي تسبب الاعتلال الدماغي قليلة، ولكن
يعتقد أنها مركبات نيتروجينية (بشكل أساسي) تنتج في المعي على الأقل بتأثير
جرثومي في جزء منها، هذه المركبات تُستقلب عادة من قبل الكبد الطبيعي
وبالتالي لا تدخل إلى الدوران الجهازي. اعتبرت الأمونيا عاملاً محرضاً
مهماً لفترة طويلة من الزمن، ولكن حالياً زاد التركيز على حمض
غاما-أمينوبوتيريك.
توجد مواد أخرى متهمة بتحريض الاعتلال الدماغي مثل عدة نواقل عصبية أخرى
زائفة (أوكتوبامين) وحموض أمينية ومركبات المركبتان والحموض الدسمة. يبدو
أن بعض العوامل تحرض الاعتلال الدماغي الكبدي بزيادة التوافر الحيوي لهذه
المركبات، بالإضافة إلى أن الدماغ في التشمع قد يبدي حساسية لعوامل أخرى
مثل الأدوية القادرة على تحريض الاعتلال الدماغي الكبدي (انظر الجدول 31).
يعد تخرب الحاجز الوعائي الدماغي من الناحية الوظيفية مظهراً من مظاهر
القصور الكبدي الحاد وقد يؤدي لتطور وذمة دماغية.
الجدول 31: العوامل التي تحرض الاعتلال الدماغي الكبدي.
|
·
اليوريميا:
العفوية، المحرضة بالمدرات.
·
الأدوية:
المنومات، المركنات، مضادات الاكتئاب.
·
النزف الهضمي.
·
زيادة الوارد من البروتين
مع الطعام.
|
·
الإمساك.
·
بزل الحبن (أكثر من 3-5
ليتر).
·
الرض (بما في ذلك
الجراحة).
·
نقص البوتاسيوم.
·
الشنت البابي الجهازي:
الجراحي، العفوي (إن كان كبيراً).
·
الخمج.
|
B. المظاهر السريرية:
تشمل هذه المظاهر اضطرابات في
الذكاء والشخصية والحالة العاطفية والوعي مع أو دون علامات عصبية. يمكن
إيجاد العامل المحرض (انظر الجدول 31) في حال تطور الاعتلال الدماغي بشكل
حاد. تكون المظاهر الأولى الباكرة خفيفة جداً، وحالما تصبح الحالة أشد يصاب
المريض بالخمول وضعف التركيز والتخليط وعدم التوجه والنعاس وتلعثم الكلام
وحتى السبات. أحياناً تحدث اختلاجات.
يظهر الفحص السريري وجود الرعاش
الخافق، اللاثباتية، وعجز المريض عن أداء تمرين ذهني حسابي بسيط (انظر
الشكل 19) أو عن رسم أشكال بسيطة مثل شكل نجمة (لاأدائية بنيوية)، ومع تطور
الحالة يحدث اشتداد في المنعكسات وتظهر استجابة أخمصية باسطة ثنائية
الجانب. نادراً ما يسبب الاعتلال الدماغي الكبدي ظهور علامات عصبية بؤرية،
وفي حال وجودها يجب البحث عن أسباب أخرى.
|
الشكل 19: اختبار توصيل الأرقام المستخدم لتقييم الاعتلال الدماغي.
هذه الدوائر الخمس والعشرين يمكن عادة وصلها مع بعضها بالتسلسل خلال 30 ثانية.
يمكن بتكرار هذا الاختبار الحصول
على معلومات مفيدة بشرط تغيير موضع الأرقام كل مرة لتجنب تعلم المريض وحفظه
لمواضعها. |
عادة ما يوجد لدى المريض نتن كبدي (رائحة النفس
تكون عفنة...)، وهو علامة على القصور الكبدي والمسرب البابي الجهازي أكثر
من كونه دليل على الاعتلال الدماغي الكبدي. في حالات نادرة يؤدي الاعتلال
الدماغي المزمن الكبدي (التنكس الدماغي الكبدي) لظهور العديد من علامات سوء
الوظيفة المخيخية والمتلازمات الباركنسونية والشلل السفلي التشنجي
والعتاهة.
C. الاستقصاءات:
يمكن وضع التشخيص سريرياً في
العادة، ولكن عند استمرار الشك به يستطب إجراء تخطيط الدماغ الكهربي الذي
يظهر تباطؤً منتشراً يتناول الموجات ألفا الطبيعية مع ظهور موجات دلتا.
عادة يرتفع تركيز الأمونيا
الشريانية عند مريض اعتلال الدماغ الكبدي، ولكن هذا الارتفاع قد يشاهد رغم
عدم وجود اعتلال دماغي سريرياً، ولذلك فإن الأهمية التشخيصية لهذا الاختبار
ضئيلة أو معدومة.
لخصنا في (الجدول 32) الحالات
السريرية الأخرى التي قد تدخل في التشخيص التفريقي للاعتلال الدماغي
الكبدي.
الجدول 32: التشخيص التفريقي للاعتلال الدماغي الكبدي.
|
·
الورم الدموي تحت الجافية.
·
الهذيان الارتعاشي.
·
الاضطرابات النفسية
البدئية.
·
داء ويلسون العصبي.
·
الانسمام الدوائي أو
الكحولي.
·
الاعتلال الدماغي
لفيرنيكه.
·
نقص سكر الدم.
|
D. التدبير:
إن نوب الاعتلال الدماغي شائعة عند
مرضى التشمع، وتكون عادة عكوسة إلى أن يصل المريض للمراحل النهائية. تتألف
مبادئ العلاج من كشف وإزالة الأسباب المحرضة (انظر الجدول 31) وإنقاص
الوارد من البروتين وتثبيط إنتاج الذيفانات العصبية من قبل الجراثيم
المعوية.
يجب إنقاص الوارد من البروتين لأقل
من 20 غرام/اليوم، ويعطى الغلوكوز (300 غ/اليوم) فموياً أو خلالياً في
الحالات الشديدة. وحالما يتحسن الاعتلال الدماغي ترفع كمية البروتين الوارد
مع القوت بمقدار 10-20 غ/اليوم كل 48 ساعة حتى الوصول لقيمة 40-60 غ/اليوم
التي تشكل الحد الأعلى المقبول عند مرضى التشمع.
إن اللاكتولوز (15-30 مل كل 8
ساعات) سكريد ثنائي يعطى فموياً ليصل إلى الكولون سليماً حيث يتم استقلابه
ضمنه من قبل الجراثيم الكولونية. ترفع الجرعة تدريجياً حتى يستطيع المريض
التغوط مرتين يومياً، يحدث هذا المحضر تأثيراً مليناً تناضحياً ويخفض باهاء
المحتوى الكولوني مما يؤدي للحد من امتصاص الأمونيا الكولونية ويشجع على
استهلاك الجراثيم وقبطها للنيتروجين (انظر جدول EBM).
|
EBM
|
|
|
|
علاج
الاعتلال الدماغي الكبدي:
|
أظهرت دراسات أجريت على أعداد قليلة من المرضى أن اللاكتولوز مفيد في
حالتي الاعتلال الدماغي الكبدي الحاد والمزمن، ولكن لا توجد تجارب عشوائية
مضبوطة في هذا المجال.
إن العلاج بالنيومايسين ليس أفضل بشكل ملحوظ من العلاج الزائف لتدبير
الاعتلال الدماغي الكبدي الحاد.
الأدلة الحالية لا تدعم استخدام محاليل الحموض الأمينية
المتفرعة السلسلة لتدبير الاعتلال الدماغي الكبدي الحاد أو المزمن.
|
إن محضر لاكتيتول بديل عن اللاكتولوز متقبلٌ أكثر
منه، بتأثير أقل دراماتيكية على الوظيفة المعوية. إن محضر نيومايسين (1-4
غرام كل 4-6 ساعات) صاد حيوي يؤثر بإنقاص المحتوى المعوي من الجراثيم. يمكن
استخدامه مع اللاكتولوز أو كبديل عنه في حال سبب إسهالاً شديداً.
يمتص النيومايسين بشكل سيئ من المعي
ولكن مع ذلك تصل كمية كافية منه إلى داخل الجسم تجعله مضاد استطباب عند
المريض المصاب باليوريميا. لا يستحب استخدامه على المدى الطويل (خلافاً
لمحضر لاكتولوز) لأنه قد يسبب سمية أذنية. يعد الاعتلال الدماغي الكبدي
المزمن أو المعند واحداً من الاستطبابات الرئيسة لزرع الكبد.
المتلازمة الكبدية الرئوية HEPATOPULMONARY SYNDROME:
يكون العديد من مرضى التشمع مصابين بنقص الأكسجة بسبب العديد من العوامل
كارتفاع التوتر الرئوي والانصبابات الجنبية والمتلازمة الكبدية الرئوية.
تتظاهر هذه المتلازمة بنقص أكسجة معند وتوسع وعائي داخل رئوي.
تشمل المظاهر السريرية تبقرط الأصابع والزراق والعنكبوت الوعائي وانخفاض
واضح في إشباع الدم الشرياني بالأوكسجين. حالياً تعد المتلازمة الكبدية
الرئوية استطباباً لزرع الكبد.
ديفيدسون Davidson's
طباعة
ارسال