ـ مقدمة:
الصدمة هي مصطلح غير محدّد بدقة يستخدم لوصف المتلازمة السريرية التي تتطور
عند وجود اضطراب حرج في التروية النسجية ناجم عن شكلٍ ما من أشكال القصور
الدوراني الحاد.
توجد أسباب متعددة للصدمة، على أية حال، ستوصف هنا المظاهر الهامة لقصور
القلب الحاد أو الصدمة القلبية المنشأ يُقدّم تصوير القلب بالصدى مساعدةً
كبيرةً عندما يكون التشخيص مشكوكاً فيه. وبعض الأمثلة عن الأسباب الشائعة
للقصور الدوراني الحاد موضحة في الشكل 20.
|
الشكل 20 (اضغط على الشكل للتكبير): بعض الأمثلة عن الأسباب الشائعة للقصور الدوراني الحاد (الصدمة القلبية المنشأ). |
1 .احتشاء العضلة القلبية
Myocardial infarction:
تنجم الصدمة في احتشاء العضلة
القلبية الحاد عادةً (أكثر من 70% من الحالات) عن اضطراب وظيفة البطين
الأيسر. على كل حال فإنها قد تنجم أيضاً عن احتشاء البطين الأيمن أو عن
العديد من الاختلاطات الميكانيكية الناجمة عنه (عن الاحتشاء) بما فيها
السطام التاموري (الناجم عن احتشاء وتمزق الجدار الحر) أو العيب الحاجزي
البطيني المكتسب (الناجم عن احتشاء وتمزق الجدار بين البطينين) أو القلس
التاجي الحاد (الناجم عن احتشاء وتمزق العضلات الحليمية).
يسبب الاضطراب الشديد الذي يصيب
انقباض العضلة القلبية (أي الوظيفة الانقباضية) انخفاضاً في نتاج القلب
والضغط الدموي وبالتالي انخفاضاً في ضغط الارواء الإكليلي. يسبب اضطراب
الوظيفة الانبساطية ارتفاعاً في ضغط نهاية الانبساط الخاص بالبطين الأيسر
واحتقاناً رئوياً ووذمة رئة مما يؤدي إلى نقص الأكسجة الذي بدوره يفاقم
الإقفار القلبي. تتشارك هذه العوامل مع بعضها لتحدث سلسلة أو حلقة معيبة
للصدمة القلبية المنشأ (انظر الشكل 21).
|
الشكل 21: التسلسل المعيب لأحداث الصدمة القلبية المنشأ.
يسبب اضطراب الوظيفة الانقباضية
نقصاً في نتاج القلب والارواء الإكليلي، بينما يؤدي اضطراب الوظيفة
الانبساطية إلى نقص الأكسجة الدموية، تتشارك هذه العوامل في مفاقمة الاقفار
القلبي وبالتالي إحداث المزيد من اضطراب الوظيفة البطينية. |
يتظاهر انخفاض نتاج القلب بهبوط التوتر الشرياني
والتخليط الذهني وشح البول وبالأطراف الباردة والرطبة، بينما تتظاهر وذمة
الرئة بضيق النفس ونقص الأكسجة الدموية والزراق والخراخر الفرقعية الشهيقية
في قاعدتي الرئتين.
قد تظهر صورة الصدر الشعاعية (انظر
الشكل 22) علامات الاحتقان الرئوي حتى ولو كان الفحص السريري طبيعياً. يمكن
استخدام قثطرة سوان – غانز عند الضرورة لقياس الضغط الاسفيني للشريان
الرئوي (PAW). يمكن الاعتماد على تلك الموجودات لتصنيف مرضى الاحتشاء
القلبي الحاد ضمن أربع مجموعات من الناحية الهيموديناميكية (انظر الجدول
9).
|
الشكل 22: المظاهر الشعاعية لقصور القلب.
A: صورة صدر شعاعية لمريض وذمة الرئة.
B: المظاهر التخطيطية التمثيلية للعلامات الشعاعية الخاصة بقصور القلب.
C: ضخامة قاعدة الرئة تظهر خطوط كيرلي B (الخطوط الحاجزية) (السهم). |
الجدول 9: تصنيف مرضى
احتشاء العضلة القلبية الحاد.
|
نتاج القلب طبيعي، ولا توجد وذمة رئة:
|
·
الأمور طبيعية والانذار
جيد ولا حاجة لمعالجة قصور القلب.
|
نتاج القلب طبيعي، وتوجد وذمة رئة:
|
·
تنجم هذه الحالة عادة عن
اضطراب متوسط الشدة في وظيفة البطين الأيسر، يجب معالجتها بالمدرات وبموسعات
الأوعية.
|
نتاج القلب منخفض، ولا توجد وذمة رئة:
|
·
تنجم هذه الحالة غالباً عن
احتشاء البطين الأيمن المترافق مع نقص الحجم التالي لنقص الوارد الفموي من
السوائل والإقياء والاستخدام غير الملائم للمدرات. يسهل كثيراً تدبير هؤلاء
المرضى بإدخال قثطرة سوان – غانز وتسريب السوائل الوريدية لرفع الضغط الاسفيني
للشريان الرئوي (PAW) إلى حدود 14-16 ملمز.
|
نتاج القلب منخفض، وتوجد وذمة رئة:
|
·
تنجم هذه الحالة عادة عن
أذية واسعة أصابت البطين الأيسر، إنذارها سيئ جداً، وقد يستفيد المريض من العلاج
بالمدرات وموسعات الأوعية ومقويات القلوصية.
|
يمكن للنسيج العضلي القلبي العيوش المحيط ببؤرة
الاحتشاء الحاد أن يتقلص بشكل ضعيف لعدة أيام ثم يعود لحالته الطبيعية،
تعرف هذه الظاهرة بالصعق القلبي Myocardial Stunning، وهي تعني أنه في هذه
الحالة من الجدير معالجة قصور القلب الحاد بشكل فعال على أمل وتوقع بأن
وظيفة العضلة القلبية الكلية سوف تتحسن.
2. الانصمام الرئوي الكتلي الحاد Acute massive pulmonary embolism:
قد تنجم هذه الحالة عن الخثار الوريدي في الساق أو الحوض، وهي تتظاهر عادة بوهط دوراني مفاجئ.
قد يفيد كثيراً تصوير القلب
بالأمواج فوق الصوتية والمريض في السرير، حيث يظهر عادة بطيناً أيسراً
صغيراً وقوياً مع بطين أيمن متوسع، كذلك من الممكن أحياناً أن تظهر الخثرة
عند مخرج البطين الأيمن أو في الشريان الرئوي الرئيسي. يمكن عادة الحصول
على التشخيص النوعي بواسطة التصوير الطبقي الحلزوني للصدر مع حقن المادة
الظليلة، وهو مفضل على تصوير الشرايين الرئوية الذي قد يكون خطراً.
تعالج هذه الحالة بالأوكسجين بمعدل
جريان مرتفع وبالمميعات (الهيبارين). يعد إعطاء حالات الخثرة إجراءً قيماً
عند مرضى منتخبين، وقد يستطب استئصال الصمة جراحياً في حالات نادرة.
3. السطام التاموري Pericardial tamponade:
تنجم هذه الحالة عن تجمع السائل أو
الدم ضمن الكيس التاموري ليضغط على القلب، قد يكون الانصباب ضئيلاً وقد يقل
أحياناً عن 100 مل. ينجم التدهور المفاجئ عادة عن النزف ضمن الحيز
التاموري.
قد ينجم السطام التاموري عن أي شكل
من أشكال التهاب التامور، وهو غالباً يشير لوجود مرض خبيث. تشمل الأسباب
الأخرى الرض وتمزق الجدار الحر للعضلة القلبية بعد احتشاءها الحاد.
ولقد ذكرت المظاهر السريرية الهامة لهذه الحالة في الجدول 10.
الجدول 10: المظاهر
السريرية للسطام التاموري.
|
·
الزلة التنفسية.
·
الوهط
الدوراني.
·
تسرع
القلب.
·
انخفاض
التوتر الشرياني.
·
الارتفاع
الكبير في الضغط الوريدي.
·
خفوت
أصوات القلب مع ظهور صوت ثالث باكر.
·
النبض
التناقضي (انخفاض شديد في الضغط الشرياني خلال الشهيق بينما قد يكون النبض غير
مجسوس).
·
علامة كوسماول (ارتفاع
تناقضي في الضغط الوريدي الوداجي خلال الشهيق).
|
قد يظهر تخطيط القلب الكهربائي علامات المرض
المستبطن مثل التهاب التامور أو احتشاء العضلة القلبية الحاد. عندما يكون
الانصباب غزيراً تكون المركبات على التخطيط صغيرة وقد يَظهر تناوب كهربائي
(تبدل محور القلب بين ضربة وأخرى ناجم عن تحرك القلب ضمن الجوف التاموري
الممتلئ بالسائل). قد تظهر صورة الصدر ضخامة شاملة في ظل القلب ولكنها قد
تبدو طبيعية.
يعد تصوير القلب بالصدى الذي يمكن
إجراؤه والمريض في سريره الطريقة الأفضل لإثبات التشخيص بالإضافة إلى أنه
يساعد في تحديد الموضع الأمثل لرشف سائل الانصباب.
إن كشف حالة السطام التاموري بسرعة
أمر مهم لأن المريض يتحسن عادة بشكل دراماتيكي بعد إجراء بزل التامور عبر
الجلد أو بعد النزح الجراحي.
4. الداء القلبي الدسامي Valvular heart disease:
قد ينجم القصور البطيني الأيسر
الحاد عن القلس الأبهري المفاجئ أو القلس التاجي الحاد أو عن اضطراب حاد في
وظيفة الدسامات الصنعية. ذكرت بعض الأسباب الشائعة لهذه المشاكل في الجدول
11.
الجدول 11: أسباب القصور
الدسامي الحاد.
|
القلس الأبهري:
|
·
تسلخ
الأبهر.
|
·
التهاب
الشغاف الخمجي.
|
·
تمزق
جيب فالسفا.
|
القلس التاجي:
|
·
تمزق العضلات الحليمية
نتيجة احتشاء العضلة القلبية الحاد.
·
تمزق
الحبال الوترية نتيجة التنكس المخاطومي أو نتيجة رض كليل على الصدر.
·
التهاب الشغاف الخمجي.
|
قصور الدسام
الصنعي:
|
·
الدسامات
الميكانيكية: الانكسار، الخثار، الانعلاق، التفزر (تحرره من مكان تثبيته).
·
الدسامات
الحيوية: التنكس المترافق مع تمزق شرف الدسام.
|
قد يكون التشخيص السريري لاضطراب الوظيفة
الدسامية الحاد صعباً أحياناً. غالباً ما تكون النفخات غير مسموعة بشكل
واضح وذلك عادة بسبب تسرع القلب وانخفاض نتاجه. يمكن تأكيد التشخيص في معظم
الحالات بالاعتماد على تصوير القلب بالصدى عبر جدار الصدر، ولكن قد يستطب
أحياناً اللجوء لتصوير القلب بالصدى عبر المري لكشف قلس الدسام التاجي
الصنعي.
عادة يحتاج المرضى المصابون بالقصور
الدسامي الحاد للجراحة القلبية ويجب تحويلهم إلى مركز قلبي من أجل تقييم
حالاتهم بشكل إلحاحي.
قد يسبب تسلخ الأبهر الصدمة بإحداثه
للقلس الأبهري أو التسلخ الإكليلي أو السطام التاموري أو ضياع الدم.
صورة الصدر الشعاعية في قصور القلب الأيسر The chest radiograph in left heart failure:
في البدء يظهر ارتفاع الضغط الوريدي
الرئوي الناجم عن قصور القلب الأيسر، على صورة الصدر الشعاعية (انظر الشكل
22 في الأعلى) كتوسع غير طبيعي في الأوردة الرئوية للفص العلوي (المريض
بوضعية الوقوف).
تغدو توعية الساحتين الرئويتين
واضحة أكثر ويتوسع الشريان الرئوي الأيمن والشريان الرئوي الأيسر. فيما بعد
تسبب الوذمة الخلالية تثخن الحواجز بين الفصيصية وتوسع القنوات اللمفاوية.
تظهر هذه التبدلات الأخيرة على شكل
خطوط أفقية عند الزوايا الضلعية الحجابية (الخطوط الحاجزية أو خطوط كيرلي
B). تسبب التبدلات المتقدمة الناجمة عن الوذمة السنخية عتامة ضبابية تنتشر
من المنطقة السرية، وتسبب انصباباً جنبياً أيضاً.
تدبير وذمة الرئة الحادة Management of acute pulmonary oedema:
تنجم هذه الوذمة عن قصور القلب الأيسر الحاد، وهي تحتاج للعلاج الالحاحي:
ـ أجلس المريض منتصباً بقصد تخفيف شدة الاحتقان الرئوي.
ـ أعطهِ الأوكسجين (بجريان وتركيز مرتفعين).
ـ أعطهِ المورفين بجرعة 10 ملغ
حقناً وريدياً بحيث تحقن على عدة دفعات كل واحدة منها 2 ملغ، وذلك بقصد
تخفيف ضيق النفس ومعاكسة التقبض الوعائي المحيطي الانعكاسي.
ـ أعطهِ أحد المدرات القوية مثل
الفورسيميد 40-80 ملغ حقناً وريدياً، تؤمن هذه الأدوية تحسناً سريعاً لأنها
تبدي أيضاً تأثيراً موسعاً للأوعية.
ـ أعطهِ النترات مثل غليسيريل تري
نترات حقناً وريدياً بجرعة 10-200 مكغ/دقيقة ترفع كل 10 دقائق إلى أن يظهر
التحسن السريري أو إلى أن ينخفض التوتر الشرياني إلى مادون 110 ملمز.
إذا فشلت الإجراءات السابقة الفورية
في التدبير يمكن عندها أن نحاول تنبيه العضلة القلبية باستخدام الأدوية
المقوية للقلوصية، أو أن ننقص الحمل على البطين الأيسر باستخدام موسعات
وعائية أقوى.
تدبير الصدمة Management of shock:
نوقش تدبير الصدمة بالتفصيل في فصل آخر.
ديفيدسون Davidson's
طباعة
ارسال