ـ الألم الصدري:
وهو عرضٌ شائعٌ للمرض القلبي، ولكنه
أيضاً يمكن أن يكون تظاهراً ناجماً عن القلق أو مرض في الرئتين أو الجهاز
الهضمي أو العضلي الهيكلي.
ـ مميزات الألم القلبي الإقفاري:
يمكن الاعتماد على عدد من المميزات النوعية للمساعدة في تمييز الألم القلبي عن الألم الناجم من أسباب أخرى (انظر الشكل 16).
|
الشكل 16: الألم القلبي الإقفاري النوعي.
تستخدم إشارات إيمائية باليد مميزة لوصف الألم القلبي.
الانتشار النموذجي للألم موضح بالشكل. |
وقد يكون التشخيص صعباً لذلك فمن المساعد أحياناً
تصنيف الألم إلى ألم قلبي إقفاري أكيد أو محتمل أو ممكن وذلك اعتماداً على
الأدلة الموجودة (انظر الشكل 17).
|
الشكل 17 (اضغط على الشكل للتكبير): تحديد الألم القلبي الإقفاري، توازن الأدلة. |
1. موقع منشأ الألم Site of Origin of Pain:
يتوضع الألم القلبي بشكل نوعي في مركز الصدر وذلك تبعاً لأصل تعصيب القلب والمنصف.
2. الانتشار Radiation:
قد ينتشر الألم القلبي الإقفاري، -خاصة إذا كان شديداً- نحو العنق والفك
والأطراف العلوية وحتى السفلية. أحياناً قد يشعر المريض بالألم القلبي فقط
في أماكن الانتشار أو في الظهر. وإن الألم المتوضع فوق مقدم وأيسر الصدر
وينتشر وحشياً قد يكون ناجماً عن عدة أسباب منها الآفات الرئوية أو الجنبية
والإصابات العضلية الهيكلية والقلق.
3. صفات الألم Character of the Pain:
يكون الألم القلبي أصماً Dull أو قابضاً Constricting أو خانقاً Choking أو
كثقل Heavy، ويتم وصفه عادةً بأنه عاصر Squeezing أو ساحق Crushing أو
حارق Burning أو موجع Aching، ولا يتم وصفه بأنه حاد Sharp أو طاعن
Stabbing أو واخز Pricking أو مثل السكين Knife – Like.
قد يصف المريض إحساسه كضيق نفس أو قد يشكو من عدم الراحة أكثر من الألم.
يستخدم المريض بشكل نوعي إشارات إيمائية بأيديهم (مثل يد مفتوحة أو قبضة
محكمة) عندما يصفون الألم الإقفاري (انظر الشكل 16).
4. محرضات الألم Provocation:
يحدث الألم الخناقي أثناء (وليس بعد) الجهد ويزول بسرعة (في أقل من خمس
دقائق) بالراحة. وقد يحدث أيضاً أو يُحرض عاطفياً كما أنه يميل للظهور
بسهولة أثناء الجهد بعد وجبةٍ ثقيلةٍ أو ريحٍ باردةٍ. قد يُحرض الألم بشكل
مماثل في الخناق غير المستقر أو المتزايد ولكن بجهد أقل أو حتى على الراحة.
إن زيادة العود الوريدي أو الحمل القبلي التي تحدث عند الاستلقاء قد تكون
كافية لتحريض الألم عند المرضى المعرضين (خناق الاستلقاء Decubitus
Angina). قد يُسبق ألم الاحتشاء القلبي بفترة من خناقٍ مستقرٍ أو غير
مستقرٍ، ولكنه قد يحدث دون سابق إنذار.
بالمقابل فإن الألم الجنبي أو التاموري يوصف كإحساسٍ حادٍ Sharp أو آسرٍ
Catching يُحرض بالتنفس أو السعال أو الحركة. بينما يكون الألم المصاحب
لحركةٍ معينةٍ (الانحناء، التمدد، الدوران) ناجماً عن سببٍ عضلي هيكلي.
5. نمط البدء Pattern of Onset:
يستغرق ألم الاحتشاء القلبي نوعياً عدة دقائق أو أطول ليتطور، وذلك بشكل مماثل للخناق الذي يزداد تدريجياً تبعاً لشدة الجهد المبذول.
أما الألم الذي يحدث بعد الجهد (أكثر من أثناءه) فيعود غالباً لسبب عضلي هيكلي أو نفسي.
بالنسبة للألم الناجم عن تسلخ الأبهر أو الصمة الرئوية الكتلية أو الريح الصدرية فهو عادةً مفاجئ بشدة أو فوري البدء.
6. الأعراض المرافقة Associated Features:
يترافق ألم الاحتشاء القلبي أو تسلخ الأبهر أو الصمة الرئوية الكتلية عادةً
مع اضطرابات ذاتية Autonomic مثل التعرق والغثيان والإقياء.
تشكل الزلة التنفسية عادةً العرض البارز وأحياناً المسيطر في احتشاء القلب
أو الخناق وتعود للاحتقان الرئوي الناجم عن سوء وظيفة البطين الأيسر
الإقفارية العابرة. تترافق الزلة أيضاً مع الأسباب التنفسية للألم الصدري
وقد تترافق مع سعال أو وزيز أو أعراض تنفسية أخرى.
قد يكون وجود أعراض هضمية كلاسيكية (قلس مريئي، التهاب مري، قرحة هضمية،
مرض صفراوي) دليلاً على المنشأ غير القلبي لألم الصدر، ولكن عسر الهضم
المرتبط بالجهد يكون ناجم عن مرضٍ قلبيٍ عادة
التشخيص التفريقي للألم القلبي
تُناقش هنا الحالات المذكورة في الجدول 7، أما التشخيص التفريقي للألم الصدري الجنبي أو المحيطي فتناقش في فصل الأمراض التنفسية.
الجدول 7: بعض
الأسباب الشائعة للألم الصدري.
|
المركزية:
|
القلق/ الشدة (قد تسبب
ألماً صدرياً محيطياً أيضاً).
|
قلبية:
|
·
إقفار
العضلة القلبية (خناق)1
|
·
التهاب
العضلة القلبية1
|
·
احتشاء
القلب1.
|
·
التهاب
التامور1.
|
·
متلازمة
انسدال الصمام التاجي1.
|
|
أبهرية:
|
·
تسلخ
الأبهر1.
|
·
أم
دم أبهرية1.
|
مريئية:
|
·
التهاب
المري.
|
·
متلازمة
مالوري – وايس.
|
·
تشنج
المري1.
|
|
صمة رئوية
كتلية.
|
منصفية:
|
·
التهاب
الرغامى.
|
·
الخباثة.
|
المحيطية:
|
الرئتين/
الحبن:
|
·
احتشاء
الرئة.
|
·
الخباثة.
|
·
ذات
الرئة.
|
·
السل.
|
·
الريح
الصدرية.
|
·
أمراض
النسج الضامة (نادراً).
|
عضلية هيكلية2:
|
·
الفصال
العظمي.
|
·
التهاب
الغضاريف الضلعية (متلازمة تايتز).
|
·
كسور
الأضلاع /الرض.
|
·
الألم
العضلي الوبائي (مرض بورنولم).
|
·
أذية
العضلات بين الأضلاع.
|
|
عصبية 2:
|
·
فتق
النواة اللبية.
|
·
متلازمة
مخرج الصدر.
|
·
داء المنطقة.
|
|
1 تم مناقشتها
في النص.
2 قد تسبب أحياناً ألماً صدرياً مركزياً.
|
1. المظاهر النفسية للألم الصدري Psychological aspects of chest pain:
تشكل الشدة العاطفية سبباً شائعاً
جداً للألم الصدري غير النموذجي. ويُحب أن لا يُغفل هذا التشخيص إذا كان
هناك علامات لقلقٍ أو عصاب Neurosis مع غياب العلاقة الواضحة بين الألم
والجهد.
على كل حال، من المهم التذكر بأن توقع
المريض للإصابة بمرض قلبي هو تجربة مخيفة، خاصةً إذا كانت سبباً لموت صديق
عزيز أو قريب، وبالتالي قد تتضافر المظاهر النفسية والعضوية.
فالقلق قد يُضخم تأثيرات المرض العضوي
وبالتالي قد يؤدي ذلك لتشويش التشخيص. بالإضافة إلى ذلك فإن المرضى الذين
يعتقدون بأنهم يعانون من أمراض قلبية قد يخافون من إجراء أي جهد، وبالتالي
يجعل ذلك من الصعب تمييز تحملهم الحقيقي للجهد وقد يتعقد التقييم أيضاً
نتيجة عدم التكيف البدئي.
2. التهاب العضلة القلبية والتهاب التامور Myocarditis and pericarditis:
قد تؤدي هذه الحالات إلى ألم خلف القص
أو أيسره أو في الكتف الأيمن أو الأيسر، ويتغير بشكل نوعي حسب شدة الحركة
وحالة التنفس. يتم وصفه عادةً بأنه حاد Sharp أو يأسر Catch المريض أثناء
الشهيق أو السعال، وعادةً يكون هناك قصة سابقة لمرض فيروسي.
3. انسدال الصمام التاجي Mitral valve prolapse:
قد تكون الآلام الصدرية الحادة
المتوضعة في أيسر الصدر والموحية بمشكلة عضلية هيكلية عرضاً لانسدال الصمام
التاجي.
4. تسلخ الأبهر Aortic dissection:
يكون الألم شديداً وحاداً وممزقاً حيث
يشعر المريض به في الظهر أو مخترقاً الصدر نحو الظهر وهو فجائي البدء بشكل
مثير.
5. الألم المريئي Oesophageal pain:
يمكن للألم المريئي أن يقلد الألم
الخناقي بشكل وثيق، وهو يُحرض أحياناً بالجهد وقد يزول باستخدام النترات.
على كل حال، يمكن عادةً من استنباط قصةٍ تربطُ الألم الصدري بالأكل أو
الشرب أو القلس المريئي.
6. الألم الصدري العضلي الهيكلي Musculoskeletal chest pain:
هذه المشكلة الشائعة تتميز بتنوع
موقعها وشدتها وبأنها لا تنخرط ضمن أحد أنماط الألم المذكورة أعلاها.
فالألم يمكن أن يتغير حسب وضعية أو حركة الجزء العلوي للجسم وقد يترافق
بمضض موضع فوق أحد الأضلاع أو الغضاريف الضلعية.
هناك عدد كبير من أسباب الألم الجداري
الصدري منها التهاب المفاصل والتهاب غضاريف الأضلاع وأذية العضلات بين
الأضلاع والإنتان بفيروس كوكساكي Coxsackie (الألم العضلي الوبائي Epidemic
Myalgia أو مرض بورنولم Bornholm). قد تحدث العديد من أذيات النسج الرخوة
نتيجة النشاطات اليومية مثل القيادة والعمل اليدوي والرياضة.
|
الشكل 18: تقييم خناق الصدر المستقر وغير المستقر المحتمل:
تختلف المتغيرات المساعدة لتحديد الألم القلبي والخطورة بين الحالتين. |
التقييم الأولي لألم قلبي مشتبه
INITIAL EVALUATION OF SUSPECTED CARDIAC PAIN
إن القصة السريرية المفصلة تعتبر حاسمة في تحديد كون الألم قلبياً أم لا.
وبالرغم من أن الموجودات السريرية والاستقصاءات اللاحقة قد تساعد في تأكيد
التشخيص، فإن فائدتها العظمى تكمن في تحديد طبيعة وشدة أي مرض قلبي كامن،
بالإضافة إلى تحديد خطورة الاختلاطات والتدبير الأمثل لحالة المريض.
1. الخناق المستقر Stable angina:
إن العلامة الأساسية للخناق المستقر هي عدم الارتياح الصدري المتعلق
بالجهد. ومن أهم النقاط في القصة السريرية تكرار الألم وعلاقته بالجهد
الجسدي (وأحياناً العاطفي). ويجب الانتباه لفترة الأعراض وذلك لأن المريض
الذي يعاني من خناق حديث العهد هو أكثر خطورة ممن كان لديه أعراض قديمة
وغير متغيرة.
يكون الفحص السريري عادةً طبيعياً ولكن قد يكشف عن عوامل خطورة مهمة (مثل
ارتفاع شحوم الدم، السكري) أو عن سوء وظيفة البطين الأيسر (مثل ضربة شاذة
لقمة القلب، نظم الخبب) أو عن مظاهر أخرى لآفة شريانية (مثل لغط، علامات
لمرض وعائي محيطي) أو قد يكشف حالات أخرى لا علاقة لها ولكن قد تحرض خناقاً
(مثل فقر الدم، آفة درقية).
إن خناق الصدر هو عرض لمرض الشرايين الإكليلية ولكنه قد يكون تظاهرة لأشكال
أخرى من المرض القلبي، خاصةً آفات الصمام الأبهري واعتلال العضلة القلبية
الضخامي. إن اكتشاف نفخة قلبية أو علامات أخرى للحالات السابقة قد تسوغ
إجراء إيكو القلب.
بالنسبة للاستقصاءات الأساسية الأكثر أهمية فهي تعداد الدم الكامل وسكر
الدم الصيامي وشحوم الدم واختبارات وظيفة الدرق وتخطيط القلب الكهربائي ذو
12 اتجاه. قد يساعد اختبار الجهد في تأكيد التشخيص كما يستخدم لتحديد
المرضى عاليي الخطورة والمحتاجين لاستقصاء وعلاج أوسع.
2. المتلازمات الإكليلية الحادة Acute coronary syndromes:
قد ينجم الألم الصدري القلبي الشديد والمستمر عن خناق غير مستقر (والذي
يتضمن خناق حديث البدء، خناق متزايد الشدة بسرعة، خناق أثناء الراحة) أو عن
احتشاءٍ قلبي حادٍ، وتعرف هذه الأسباب مجتمعة بالمتلازمات الإكليلية
الحادة.
عادةً تكون نوبة الألم الصدري أثناء الراحة أول مظهر للداء الإكليلي،
بالرغم من أنه قد تكون هناك قصة لخناقٍ مستقرٍ مزمنٍ سابقاً. وفي هذه
الحالة، يعتمد التشخيص بشكل أساسي على صفة الألم والأعراض المرافقة. قد
يكشف الفحص السريري علامات لمرضٍ مرافقٍ مُهم (مثل مرض وعائي دماغي و/أو
وعائي محيطي) أو لاضطرابات ذاتية مثل الشحوب أو التعرق، أو الاختلاطات مثل
اضطرابات النظم وقصور القلب.
يحتاج المرضى الذين يراجعون بأعراض تتماشى مع متلازمة إكليلية حادة إلى
تقييم عاجل لأن هذه الحالات تحمل خطورة عالية لحدوث اختلاطات خطيرة يمكن
تجنبها مثل الموت المفاجئ والاحتشاء القلبي. أما أهم الدلائل على الخطورة
قصيرة الأمد فهي وجود علامات للثبط الهيموديناميكي (هبوط ضغط، قصور قلب)،
تبدلات تخطيطية (ارتفاع أو انخفاض القطعة ST)، وهو الطريقة الأكثر إفادة في
تصنيف وتقييم الحالة (انظر الشكل 19).
|
الشكل 19 (اضغط على الشكل للتكبير): التدبير الأولي للمتلازمة الإكليلية الحادة.
يعتمد اللوغاريتم على الفحص السريري وتخطيط القلب ونتائج تحليل الدم. |
من النادر استخدام الكرياتين كيناز
والتروبونين والميوغلوبين في توجيه المعالجة الفورية، بالرغم من توفرها
كتحاليل ممكن إجراؤها قرب سرير المريض، وذلك يعود للتحرر البطيء لهذه
الدلائل الكيمياحيوية. إذا لم يكن التشخيص واضحاً، فيجب مراقبة المرضى
المشتبه إصابتهم بالمتلازمة الإكليلية الحادة بالمشفى.
إن تخطيط ECG يكون قيماً خاصة إذا أمكن الحصول عليه أثناء هجمة الألم. يجب
قياس التروبونين البلازمي وفي حال كان طبيعياً فيجب إعادته بعد 12 ساعة كحد
أدنى من بدء الأعراض. إن التغيرات الجديدة في الـ ECG أو ارتفاع
التروبونين يؤكد تشخيص المتلازمة الإكليلية الحادة. إن تدبير احتشاء العضلة
القلبية والخناق غير المستقر موصوف بالتفصيل.
إذا لم ينكس الألم بعد 12 ساعة من بدء الأعراض وكانت اختبارات التروبونين
سلبية ولم توجد تغيرات جديدة على الـ ECG فإنه يمكن تخريج المريض من
المشفى. لكن ينصح أحياناً بالإعداد لإجراء اختبار الجهد لكي نثبت
أو نستبعد تشخيص الداء الإكليلي المستبطن عند هذه المرحلة.
ديفيدسون Davidson's
طباعة
ارسال