الأمراض الرئوية الناتجة عن الأغبرة غير العضوية
3/7/2013 12:23:00 AM

يمكن لاستنشاق الأغبرة غير العضوية أو الأدخنة أو المواد الأخرى الضارة بالصحة في بعض المهن أن تؤدي لتبدلات مرضية نوعية في الرئتين، وإن خطر هذه الأشكال من الأمراض الرئوية المهنية أعلى ما يكون لدى عمال الطلاء (الدهان) الذين يستخدمون المرشات (أجهزة البخ) وعمال ورشات بناء السفن وأرصفة الموانئ والعاملين بالتعدين وفي مقالع الحجارة والعاملين في لحام المعادن وفي تجميع الالكترونيات وفي الصناعات التركيبية أو الكيماوية، وبشكل عام يؤدي التعرض المديد للأغبرة غير العضوية (انظر الجدول 79) إلى تليف رئوي منتشر (تغبرات أو سحارات الرئة). رغم أن السحار البيريليومي يسبب مرضاً حبيبومياً خلالياً مشابهاً للساركوئيد فإن الأغبرة بحد ذاتها تسبب أذية مباشرة قليلة للمتن الرئوي، وتعتمد النتيجة الباثولوجية بشكل كبير على الاستجابات الالتهابية والتليفية لغبار محدد، وتتنوع الخواص المليِّفة (أي المحدثة للتليف) في الأغبرة المعدنية فالسيليكا Silica (ثاني أوكسيد السيلكون) تعتبر مسببةً للتليف بشكل مميز في حين أن الحديد والقصدير تكون خاملة تقريباً، وإن معظم النماذج الهامة من تغبرات الرئة (السحارات) هي سحارات عاملين الفحم الحجري والسحار السيليسي وداء الأسبست.

الجدول 79: بعض الأمراض الرئوية الناتجة عن التعرض للأغبرة غير العضوية.

السبب

المهنة

الوصف

المظاهر المرضية المميزة

غبار الفحم الحجري، ثاني أوكسيد السيلكون

استخراج الفحم الحجري، التعدين، استخراج الحجارة من المقالع، رصف الأحجار، شحذ المعادن وصقلها، صناعة الفخار، تقشير وتنظيف المراجل.

سحار عامل الفحم الحجري، السحار السيليسي.

تليف بؤري وخلالي، نفاخ فصيصي مركزي، تليف شديد مترقي.

الأسبست

هدم الأبنية، هدم السفن، وصناعة المواد العازلة والواقية من النار وبطانة المكابح وتغليف الأنابيب والمراجل.

المرض الناجم عن الاسبست.

تليف خلالي، مرض جنبي، سرطان حنجرة وقصبات.

أوكسيد الحديد

أقواس اللحام.

السحار الحديدي.

ترسبات معدنية فقط.

أوكسيد القصدير

تعدين القصدير.

السحار القصديري.

 

البيريليوم

صناعة الطائرات والطاقة الذرية والالكترونيات.

السحار البيريليومي.

حبيبومات (أورام حبيبية)، تليف خلالي.

يمكن للغازات والأدخنة اللاعضوية الصناعية أن تسبب أمراضاً تنفسية أخرى، وهي غالباً أكثر حدة وتتضمن الوذمة الرئوية والربو (انظر الجدول 80).

الجدول 80: بعض أمراض الرئة الناجمة عن الغازات والأبخرة غير العضوية.

السبب

المهنة

المرض

الغازات المخرشة (الكلور، النشادر، الفوسيجين، ثاني أوكسيد الآزوت).

متنوعة (الحوادث الصناعية).

أذية رئوية حادة، ARDS.

الكادميوم

اللحام والطلاء الكهربائي.

COPD.

النظائر السيانيدية (مثلاً راتنجات الإيبوكسي، الأصبغة).

اللدائن، الأصبغة، صناعة راتنجات الإيبوكسي والغراء.

ربو قصبي.

ذات رئة بالحمضات.

إن أخذ قصة مهنية مفصلة عن المهنة الحالية والسابقة إن وجدت يعتبر أمراً أساسياً بشكل بارز لأنه يمكن بسهولة إغفال تشخيص المرض الرئوي المهني، كما أن المريض قد يستحق الحصول على تعويض، ولابد من التأكيد أيضاً على أنه في العديد من أنماط التغبرات الرئوية يتطلب الأمر فترة طويلة من التعرض للغبار قبل ظهور التبدلات الشعاعية وهذا قد يسبق الأعراض السريرية.

وتحتوي الملفات الحكومية في بريطانيا على ملاحظات حول التشخيص ودعاوى التأمين في تغبرات الرئة والربو المهني والأمراض المهنية الأخرى ذات الصلة، وطالما أن الكثير من العمليات الصناعية الحديثة تدخل ميدان الاستخدام بشكل دائم ومستمر فإنه لمن الضروري أن نبقى متيقظين لإمكانية ترافقها مع أمراض رئوية مهنية.


السحار الرئوي عند عامل الفحم الحجري

يتلو هذا المرض الاستنشاق طويل الأمد لغبار الفحم الحجري، وتصنف الحالة إلى سحار بسيط وتليف شديد مترقٍ وذلك من أجل الأغراض السريرية والشهادة الصحية، ولابد من التأكيد على أن التشخيص لأغراض الشهادة الصحية والتأمين في بريطانيا يوضع حالياً بناءً على المظاهر الشعاعية وليس السريرية.

1. السحار البسيط عند عامل الفحم الحجري:
يصنف هذا النمط شعاعياً إلى 3 درجات، وذلك بالاعتماد على حجم العقيدات ومدى انتشارها، وهو لا يترقى ولا يتصاعد إذا ترك العامل هذه المهنة.

2. التليف الشديد المترقي:
في هذا الشكل من المرض تحدث كتل كثيفة كبيرة مفردة أو متعددة بشكل رئيسي في الفصوص العلوية، ويمكن لهذه الكتل أن تكون ذات شكل غير منتظم وقد تتكهف كما قد تختلط بالسل، ويمكن لهذا المرض أن يكون مُقعداً ومسبباً للعجز وقد يُقصِّر المعدل المتوقع للحياة، كما قد يترقى حتى بعد ترك عامل المنجم عمله.

كثيراً ما يوجد سعال وقشع ناجمين عن التهاب القصبات المزمن المرافق، وقد يكون القشع أسوداً (النفث القتاميني Melanoptysis)، كما تحدث زلة مترقية على الجهد في المراحل المتأخرة، وفيما بعد يحدث قصور تنفسي وبطيني أيمن كنتائج نهائية. قد لا يكون هناك علامات فيزيائية شاذة في الصدر لكن في حال وجودها فإنها تكون عائدة لمرض الطرق الهوائية الساد المزمن. يوجد العامل المضاد للنوى في المصل في حدود 15% من المرضى المصابين بسحار عمال الفحم الحجري، كما يكون العامل الرثواني موجوداً في بعض المرضى الذين لديهم التهاب مفاصل رثواني بشكل مرافق، مع عقيدات تليفية مستديرة قطرها 0.5-5 سم، وتوجد بشكل رئيسي في محيط الساحتين الرئويتين ويعرف هذا الترافق بمتلازمة كابلان Caplan، وقد تحدث هذه المتلازمة أيضاً في نماذج أخرى من السحار.

داء السحار السيليسي

سيصبح هذا المرض نادراً بسبب تحسن مستويات علم الصحة الصناعية، وهو ينجم عن استنشاق غبار ثاني أوكسيد السيلكون المتبلور الحر والدقيق (السيليكا) أو جزيئات الكوارتز.

يعتبر السيليكا الغبار الأكثر إحداثاً للتليف ويسبب حدوث عقيدات قاسية والتي تندمج كلما ترقى المرض، ويمكن أن يعدل السل حدثية السحار السيليسي بعد حدوث التجبن والتكلس، أما المظاهر الشعاعية فهي مشابهة لتلك التي ترى في سحار عمال الفحم الحجري، رغم أن التبدلات تميل لأن تكون أكثر وضوحاً في المناطق العلوية وقد تكون ظلال السرتين الرئويتين متضخمة كما تكون تكلسات قشرة البيضة egg-shell في العقد اللمفاوية السرية مظهراً مميزاً لكنه لا يحدث في كل المرضى، ويترقى هذا المرض حتى عندما يتوقف التعرض للغبار، لذلك يجب إبعاد المريض من البيئة المؤذية حالاً ما أمكن، أما المظاهر السريرية فهي أيضاً مشابهة لتلك المشاهدة في سحار عمال الفحم الحجري.

ويمكن للتعرض الشديد لغبار السيليكا المتبلِّر الدقيق جداً أن يسبب مرضاً حاداً بشكل أكبر مشابهاً لداء البروتين السنخي الرئوي مع حدوث فرط إنتاج مادة السورفاكتانت من قبل الخلايا الرئوية السنخية ذات النموذج II.


داء الأسبست

إن الأنماط الرئيسية للمعدن الليفي (الأسبست) هي الأسبست الأبيض (Chrysotile) والذي يمثل 90% من إنتاج العالم، والأسبست الأزرق (Crocidolite) والأسبست البني (Amosite)، ويحدث التعرض أثناء تعدين المعدن وصكه وفي مجموعة من المهن (انظر الجدول 79).

الجدول 79: بعض الأمراض الرئوية الناتجة عن التعرض للأغبرة غير العضوية.

السبب

المهنة

الوصف

المظاهر المرضية المميزة

غبار الفحم الحجري، ثاني أوكسيد السيلكون.

استخراج الفحم الحجري، التعدين، استخراج الحجارة من المقالع، رصف الأحجار، شحذ المعادن وصقلها، صناعة الفخار، تقشير وتنظيف المراجل.

سحار عامل الفحم الحجري، السحار السيليسي.

تليف بؤري وخلالي، نفاخ فصيصي مركزي، تليف شديد مترقي.

الأسبست

هدم الأبنية، هدم السفن، وصناعة المواد العازلة والواقية من النار وبطانة المكابح وتغليف الأنابيب والمراجل.

المرض الناجم عن الاسبست.

تليف خلالي، مرض جنبي، سرطان حنجرة وقصبات.

أوكسيد الحديد.

أقواس اللحام.

السحار الحديدي.

ترسبات معدنية فقط.

أوكسيد القصدير.

تعدين القصدير.

السحار القصديري.

 

البيريليوم.

صناعة الطائرات والطاقة الذرية والالكترونيات.

السحار البيريليومي.

حبيبومات (أورام حبيبية)، تليف خلالي.

ويعتبر التعرض للأسبست عامل خطر مميز لحدوث عدد من الأمراض التنفسية (انظر الشكل 49) بما فيها سرطان الرئة والحنجرة. يعرف داء الأسبست بأنه تليف الرئتين المنتشر الناجم عن استنشاق جزيئات الأسبست وهذه الحالة قد تكون أو لا تكون مترافقة بتليف الطبقة الجدارية أو الحشوية من الجنب، وإن داء الأسبست بالإضافة إلى التليف الجنبي المنتشر الناجم عن الأسبست وورم الظهارة المتوسطة يؤهل العامل في الـ UK أيضاً للحصول على تعويضات الأذيات الناجمة عن الصناعة، وبعكس الأشكال الأخرى للمرض التنفسي الناجم عن الأسبست فإن داء الأسبست يميل للحدوث في الأشخاص المتعرضين لمستويات هامة من غبار الأسبست خلال عدد من السنوات. يكون داء الأسبست عادة ذي سير بطيء وقد يوجد بشكل تحت سريري لعدد من السنوات قبل أن يصبح عرضياً في نهاية الأعمار المتوسطة بحدوث الزلة التنفسية وتبقرط الأصابع والخراخر الفرقعية الشهيقية المسموعة فوق المناطق السفلية من كلا الرئتين. تبدي صورة الصدر الشعاعية ظلالاً عقدية شبكية في القاعدتين وأحياناً مظهر قرص العسل، وقد توجد مظاهر أخرى للتعرض للأسبست أيضاً (كاللويحات الجنبية)، أما اضطرابات الوظيفة الرئوية فهي من النموذج الحاصر مع تناقص الحجوم الرئوية وتناقص عامل نقل الغاز، ويكون خطر السرطانة القصبية عالياً جداً خصوصاً في المرضى الذين يدخنون أيضاً.

 شكل 49: الأسبست: طيف التأثيرات المحتملة على الطريق التنفسي.

وعادةً ما يكون إثبات التشخيص سهلاً من خلال قصة التعرض للأسبست والشذوذات السريرية والشعاعية واضطرابات الوظيفة الرئوية المذكورة سابقاً، وقد يتطلب الأمر إجراء خزعة رئوية لإثبات التشخيص (ولنفي أسباب أخرى للأمراض الرئوية الخلالية القابلة للعلاج). لكن يجب ألا تجرى الخزعة لمجرد هدف السماح للمرضى بالمطالبة بالتعويض.

A. التدبير:
لا توجد معالجة نوعية خاصة، أما الستيروئيدات القشرية فهي عديمة الفائدة في تدبير داء الأسبست، أما القصور التنفسي والقلب الرئوي فينبغي معالجتهما بشكل مناسب.

B. الوقاية:
يشدد القانون في العديد من البلدان على ضرورة القيام بتحسينات في مستويات الصحة الصناعية، ولقد أثبت مثل هذه الإجراءات (كارتداء الكمامات وترطيب الغبار وأنظمة التهوية الملائمة) أنها فعالة تماماً في العديد من الصناعات.


ديفيدسون Davidson's