الداء الزلاقي
11/1/2012 2:54:00 AM

الداء الزلاقي هو اضطراب التهابي متواسط مناعياً يصيب الأمعاء الدقيقة ويحدث عند الأشخاص المستعدين جينياً للإصابة. يسبب هذا الداء سوء امتصاص ويستجيب للحمية الخالية من الغلوتين Gluten. تحدث هذه الحالة في أنحاء العالم ولكنها أكثر شيوعاً في شمال أوربا. إن شيوع المرض في المملكة المتحدة هو بين
1/1000 - 1/1500.

على كل حال فإن تحسن الإدراك بالنسبة للتظاهرات غير النموذجية ووجود اختبارات مصلية أفضل تقترح أن نسبة الشيوع الحقيقية للمرض في شمال أوربا قريبة من 1/300. تكون بعض الحالات غير مشخصة (حالات صامتة) ومن المحتمل أيضاً وجود حالات عديدة من الداء الزلاقي الكامن. هؤلاء الناس اللاعرضيين والمستعدين جينياً للإصابة من الممكن أن يتطور لديهم الشكل السريري من الداء الزلاقي لاحقاً.

A. الإمراضية:
إنَّ الآلية الدقيقة للأذية المحدثة بالداء الزلاقي غير واضحة ولكن الاستجابات المناعية للغلوتين تلعب دوراً أساسياً (انظر إلى الشكل 35)، كما أنه من المحتمل أن تقوم عوامل محيطية غير محددة بدور المحرض في حدوث

 الشكل 35: الآلية الإمراضية للداء الزلاقي.

التهاب الأمعاء الدقيقة مما يسمح لببتيدات الغلوتين (غليادين) بالوصول إلى أنزيم ترانس غلوتاميناز النسيجي (TTG) في الصفيحة الخاصة Lamina Propria. يقوم TTG بتحوير الغلوتين وهذا يسمح بربطه إلى ثلم رابط للمستضد موجود في جزيئات الصنف الثاني من المعقد الرئيسي للتوافق النسيجي (MHC) على سطح الخلايا المقدمة للمستضد (APC). وبدوره يتم الآن التعرف على ببتيد الغلوتين المعدّل من قبل الخلايا التائية CD4+ على أساس أنه مستضد.

تنشأ استجابة TH1 نتيجة لتحرير السيتوكينات الالتهابية (مثل: انترلوكين -1 و ألفا-TNF- و انترفيرون-غاما ). يعرف TTG الآن كمستضد ذاتي للأضداد المضادة لغلاف الألياف العضلية (anti- endomysial antibodies).

B. المظاهر السريرية ومرافقاتها:
يتظاهر الداء الزلاقي في أي عمر. في الطفولة يحدث بعد الفطام وإدخال الحبوب ويتظاهر غالباً بمظاهر كلاسيكية من إسهال وسوء امتصاص وفشل نمو. يمكن أن يرى عند الأطفال الأكبر سناً بمظاهر غير نوعية مثل تأخر النمو. غالباً ما تكون مظاهر سوء الامتصاص موجودة بالفحص ويمكن أن يوجد انتفاخ بطني خفيف. يكون لدى الأطفال المصابين بالمرض فشل في النمو ويكون لديهم تأخر في كل من النمو والبلوغ مما يؤدي إلى قصر قامة في سن البلوغ.

عند البالغين تكون ذروة الحدوث في العقد الخامس وتكون إصابة النساء أكثر من الرجال بشكل طفيف. تكون التظاهرات متنوعة بشكل كبير اعتماداً على شدة الإصابة ومدى امتداد إصابة الأمعاء الدقيقة. بعض المرضى يكون لديهم سوء امتصاص واضح بينما يتطور لدى آخرين أعراض غير نوعية مثل التعب ونقص الوزن وفقر دم بعوز حمض الفوليك أو بعوز الحديد. تشمل التظاهرات الأخرى المشاهدة: قرحات فموية وعسر هضم ونفخة.

يترافق الداء الزلاقي باضطرابات مناعية ذاتية أخرى مرتبطة بـ HLA (مستضد الخلايا البيض البشري) ومع أمراض أخرى معينة (انظر الجدول 36).

الجدول 36: الأمراض المرافقة للداء الزلاقي.

· الداء السكري المعتمد على الأنسولين (2-8%).

·  مرض درقي 5%.

·  التشمع الصفراوي البدئي 3%.

·  متلازمة جوغرن 3%.

·  عوز IgAل 2%.

·  فقر الدم الوبيل.

·  الداء المعوي الالتهابي.

·  ساركوئيد.

·  وهن عضلي وخيم.

· اختلاطات عصبية: اعتلال دماغ، ضمور مخيخي، اعتلال أعصاب محيطية، صرع.

·  التهاب الجلد حلئي الشكل.

·  متلازمة داون.

·  لمفوما الخلايا التائية المرافقة للاعتلال المعوي.

·  سرطانة الأمعاء الدقيقة.

·  السرطانة الشائكة للمري.

·  التهاب الصائم القرحي.

·  قصور بنكرياسي.

·  التهاب كولون مجهري.

·  ضمور الطحال.

C. الاستقصاءات:
تجرى هذه الاستقصاءات لتأكيد التشخيص وللبحث عن نتائج سوء الامتصاص.

1. خزعة الصائم أو العفج:
تعد خزعة الأمعاء الدقيقة عبر التنظير المعيار الذهبي. تكون المظاهر النسيجية مميزة عادة ولكن أيضاً يجب أن يؤخذ في الاعتبار الأسباب الأخرى للضمور الزغابي. (انظر الجدول 37 والشكل 36).

الجدول 37: أسباب مهمة للضمور الزغابي تحت التام.

·  الداء الزلاقي.

·  الذرب الاستوائي.

·  التهاب الجلد حلئي الشكل.

·  اللمفوما.

·  اعتلال الأمعاء في الإيدز.

·  داء الجيارديات.

·  نقص غاما غلوبيولين الدم.

·  الإشعاع.

·  داء ويبل.

·  متلازمة زولنجر - إيلسون.


 الشكل 36: مخاطية الصائم.
A:
طبيعي.
B: الصائم في الداء الزلاقي يبدي ضموراً زغابياً تحت تام وارتشاحاً التهابياً واضحاً.

2. الأضداد:
إن الأضداد المصلية المضادة للغليادين (خصوصاً IgA) والأضداد المضادة لغلاف الألياف العضلية تكون قابلة للكشف في معظم الحالات غير المعالجة. تكشف الأضداد IgA المضادة لغلاف الألياف العضلية بواسطة التألق المناعي. هذه الطريقة غير كمية ولكنها أكثر حساسية (85-95%) ونوعية (تقريباً 99%) في التشخيص ما عدا في حالة الرضع صغيري العمر جداً. على كل حال يجب أن تعاير الأضداد IgG عند المرضى الذين لديهم عوز مرافق في IgA.

في المستقبل إن معايرات TTG يمكن أن تحل محل اختبارات دموية أخرى حيث تكون أسهل في الإنجاز ونصف كمية وأكثر دقة عند مرضى عوز IgA. تشكل هذه الفحوص الضدية اختباراً ماسحاً ذا قيمة عند مرضى الإسهال ولكنها لا تشكل بديلاً عن خزعة الأمعاء الدقيقة وهذه الفحوص عادة ما تصبح سلبية بالعلاج الناجح.

3. الفحوص الدموية والكيميائية الحيوية:
يمكن أن يظهر تعداد الدم الكامل فقر دم صغير الخلايا أو كبير الخلايا بسبب عوز الحديد أو حمض الفوليك كما يمكن أن يبدي مظاهر نقص نشاط الطحال (خلايا هدفية وكريات حمر كروية وأجسام هاول جولي). قد تشير الفحوص الكيميائية الحيوية إلى وجود تراكيز منخفضة من الكالسيوم أو المغنيزيوم أو البروتين الكلي أو الألبومين أو فيتامين د.

4. الاستقصاءات الأخرى:
تكون هذه الاستقصاءات عادة غير ضرورية. شعاعياً قد تظهر صورة متابعة الباريوم عرى معوية متوسعة وثنيات ضامرة وأحياناً تندفاً للمادة الظليلة. تكون اختبارات السكر لتحري النفوذية المعوية غير طبيعية وعادة توجد درجة معتدلة من سوء امتصاص الدسم. يجب أن يجرى للمرضى المشخصين حديثاً قياس قاعدي للكثافة العظمية بواسطة DEXA Scan للبحث عن دليل على وجود مرض عظمي استقلابي.

D. التدبير:
تكمن الأهداف في تصحيح العوز الموجود من الحديد والفولات والكالسيوم وفيتامين د والبدء بحمية خالية من الغلوتين طيلة العمر. ويتطلب ذلك استبعاد القمح والجودار والشعير ومبدئياً الشوفان على الرغم من أنه يمكن إعادة إدخال الشوفان بأمان عند معظم المرضى. يعد كل من الرز والذرة والبطاطا مصادر مقبولة للكربوهيدرات المعقدة.

مبدئياً فإن تكرار الاستشارة الغذائية مطلوبة للتأكد من أن الحمية مراقبة حيث أن أكثر أسباب الفشل في التحسن على الحمية هو تناول الغلوتين بشكل عارض أو بشكل غير مميز (أطعمة لا يعرف المريض أنها تحوي غلوتين). تعطى معيضات المعادن والفيتامين عندما يستطب ذلك ولكنها نادراً ما تكون مطلوبة عندما يتم الالتزام الصارم بالحمية الخالية من الغلوتين.

إن الكراسات المنتجة من قبل الجمعيات التي تهتم بالداء الزلاقي في العديد من البلدان تحتوي على صفحات عن الحمية وطريقة التحضير من أجل استخدام الطحين الخالي من الغلوتين وهذه الكراسات ذات أهمية كبيرة. إن المراقبة المنتظمة للأعراض والوزن والتغذية تعد من الأمور الأساسية. من المحتمل ألا يحتاج المرضى الذين حدثت لديهم استجابة سريرية ممتازة مع اختفاء الأضداد المضادة لغلاف الألياف العضلية من الدوران إلى إعادة الخزعات الصائمية والتي يجب أن يحتفظ بإعادتها للمرضى الذين لم يبدوا تحسناً سريرياً أو أولئك الذين لا تزال لديهم إيجابية الأضداد مستمرة.

ومن النادر أن يكون المرضى معندين وبحاجة إلى علاج بالستيروئيدات القشرية أو الأدوية المثبطة للمناعة لإحداث الهجوع. يجب أن تقيم المطاوعة للحمية بعناية عند المرضى الذين يفشلون في الحصول على استجابة ولكن إذا كانت حميتهم مقبولة فإنه يجب البحث عن حالات أخرى كالقصور البنكرياسي أو التهاب الكولون المجهري أو البحث عن اختلاطات الداء الزلاقي كالتهاب الصائم القرحي أو اللمفوما التائية المرافقة للاعتلال المعوي.

E. الإنذار والاختلاطات:
توجد خطورة زائدة للخباثة خصوصاً لمفوما الخلايا التائية المرافقة للاعتلال المعوي وسرطانة الأمعاء الدقيقة والسرطانة الشائكة للمري. عدد قليل من المرضى يحدث لديهم التهاب صائم ودقاق قرحي يتميز بقرحات عميقة في الصائم مع سوء امتصاص. ومن الممكن أن يتبع بحدوث ترفع حرري أو ألم أو انسداد أو انثقاب.

من النادر أن يتم التشخيص بواسطة دراسات الباريوم أو التنظير المعوي وإن فتح البطن مع إجراء خزعة كاملة الثخانة يعد ضرورياً. العلاج صعب وتستخدم الستيروئيدات بنجاح متفاوت ويحتاج بعض المرضى إلى قطع جراحي وتغذية وريدية. غالباً ما يكون السير مترقياً دون هوادة.

مرض العظم الاستقلابي شائع مع طول فترة المرض وعند المرضى الذين لديهم داء زلاقي مع سيطرة ضعيفة على المرض ويعد مصدراً معتبراً للمراضة. هذه الاختلاطات أقل شيوعاً عند المرضى الذين يتقيدون بشكل صارم بالحمية الخالية من الغلوتين.

قضايا عند كبار السن:

سوء الامتصاص:

·  ينطبق ما يلي على الداء الزلاقي في الأعمار المتقدمة:

- يميل لأن يتظاهر بأعراض مبهمة كعسر الهضم أو عوز الفولات أو الحديد المعزول. يتظاهر بشكل تقليدي فقط في 25% من الحالات وذلك بإسهال ونقص وزن.

- إن تخلخل العظام وتلين العظام الشديدين أو النزف الناجم عن نقص ترومبين الدم تكون أكثر شيوعاً مما هي عليه عند الشباب.

- تكون لمفوما الأمعاء الدقيقة أكثر شيوعاً عندما يتطور الداء الزلاقي في الكهولة.

 

ديفيدسون Davidson's