النمط 2 من الداء السكري
3/18/2012 11:30:00 PM
حدث النمط 2 من الداء السكري بشكل شائع عند الأشخاص البدينين والمقاومين ين للأنسولين، لكن هذين العاملين غير كافيين لوحدهما لإحداث الداء السكري إلا إذا ترافقا مع اعتلال وظيفة الخلية بيتا.

A. الوراثيات:
لقد تبين من الدراسات التي أجريت على التوائم أحادية الزيجوت أن العوامل الوراثية أكثر أهمية في تطور النمط 2 مقارنة مع النمط 1 من الداء السكري وأظهرت هذه الدراسات معدلات توافق للإصابة بالنمط 2 من الداء السكري تصل إلى 100%.

إن غالبية حالات النمط 2 من الداء السكري ذات طبيعة متعددة العوامل Multifactorial مع حدوث تفاعل بين العوامل الوراثية والعوامل البيئية (انظر الجدول 12).

الجدول 12: خطر تطور النمط 2 من الداء السكري حتى عمر 80 عاماً عند إخوة الشخص المستلفت* Proband المصاب بالنمط 2 من الداء السكري.

العمر عند حدوث النمط 2 من الداء السكري عند المستلفت

خطر حدوث النمط 2 من الداء السكري حسب العمر (%) عند الأخوة.

25-44

53

45-54

37

55-64

38

65-80

31

*المستلفت: أول من يلفت النظر إلى مرض يصيب عدة أفراد.

إن طبيعة المشاركة الوراثية غير معروفة بشكل كبير لكن من الواضح أن هناك عدة جينات متورطة. وفي هذا النموذج الجينائي (متعدد الجينات) فإن وراثة التباين في جينات محددة لن تكون كافية لإحداث النمط 2 من الداء السكري مباشرة لكنها تساهم في زيادة (أو إنقاص) الاستعداد للإصابة. وقد تم استقصاء أكثر من 200 جين من جينات الاستعداد المحتملة مثل الأنسولين ومستقبل الأنسولين ونواقل الغلوكوز وسينثاز الغليكوجين لكن لم يكن هناك ترابط ثابت بين الأشكال المختلفة للجينات المرشحة مع النمط 2 من الداء السكري. لقد كشفت أبحاث المجين Genome الواسعة وجود جينات استعداد على الصبغي 1q و 12q و 20q لكن الجينات المستبطنة لم تكشف بعد.

لقد سمحت الوراثيات الجزيئية بالتعرف على أشكال معينة نوعية وقابلة للكشف سريرياً من الداء السكري تنجم عن عيوب في جين مفرد (انظر الجدول 1 والجدول 13)، لكن هذه النميطات Subtypes مثل الداء السكري عند الشباب الذي يبدأ في سن الرشد (MODY) غير شائعة وتشكل أقل من 5% من كل حالات الداء السكري. إن تحديد السببيات الجزيئية الوراثية يمكن أن يساعد على تحديد الإنذار والمعالجة المثلى وخطر الداء السكري عند الأقارب.

الجدول 1: التصنيف السببي للداء السكري.

الداء السكري النمط 1:

·  متواسط بالمناعة.

·  مجهول السبب.


الداء السكري النمط 2.


الأنماط النوعية الأخرى
:

·  العيوب الوراثية في وظيفة الخلية بيتا.

·  العيوب الوراثية في عمل الأنسولين.

· المرض البنكرياسي (مثل التهاب البنكرياس، استئصال البنكرياس، الورم، الداء الليفي الكيسي، داء ترسب الأصبغة الدموية Haemochromatosis، اعتلال البنكرياس الليفي الحصوي Fibrocalculous Pancreatopathy ).

· الإنتاج الزائد داخلي المنشأ للهرمونات المعاكسة (ضواد) Antagonists للأنسولين (مثل هرمون النمو – ضخامة النهايات، القشرانيات السكرية - متلازمة كوشينغ، الغلوكاغون- ورم الغلوكاغون، الكاتيكولامينات- ورم القواتم، هرمونات الدرق – فرط الدرقية).

·  المحرض بالأدوية (مثل الستيروئيدات القشرية، المدرات التيازيدية، الفينتوئين).

·  الأخماج الفيروسية (مثل الحصبة الألمانية الخلقية، النكاف، فيروس كوكساكي B).

·  الأشكال غير الشائعة للسكري المتواسط بالمناعة.

· المترافق مع المتلازمات الوراثية (مثل متلازمة داون، ومتلازمة كلاينفلتر، متلازمة تورنر، و DIDMOAD (متلازمة ولفرام Wolfram’s Syndrome) – البيلة التفهة، الداء السكري، الضمور البصري، الصمم العصبي. ورنح فريدرايخ، وحثل التأتر العضلي).


السكري الحملي
.


الجدول 13: عيوب الجين المفرد في وظيفة خلايا بيتا البنكرياسية المسببة للداء السكري عند الشباب الذي يبدأ في سن الرشد (MODY).

الجين

الوراثة

المظاهر السريرية

الغلوكوكيناز (GCK)

جسدية سائدة

10% من حالات MODY في المملكة المتحدة، فرط سكر الدم الخفيف منذ الولادة، مستقر ويتم تدبيره بالحمية فقط.

العامل النووي الكبدي 1 ألفا (HNF1a)

جسدية سائدة

65% من حالات MODY في المملكة المتحدة.

يتظاهر الداء السكري خلال المراهقة، وهو مترقٍ ويحتاج للأدوية الفموية أو الأنسولين.

العامل النووي الكبدي 4 ألفا (HNF4a)

جسدية سائدة

5% من حالات MODY في المملكة المتحدة.

مشابه لـ HNF1aلكن العمر عند التشخيص قد يكون متأخراً.

العامل 1 المعزّز للأنسولين (IPF1)

جسدية سائدة

نادر، من غير المعتاد أن يتظاهر قبل عمر 25 عاماً.

العامل النووي الكبدي 1 بيتا (HNF1b)

جسدية سائدة

نادر، حدوث الداء السكري في عمر مبكر، الكيسات الكلوية، البيلة البروتينية، الفشل الكلوي.

B. العوامل البيئية:
1. نمط الحياة Lifestyle:
دلت الدراسات الوبائية حول الداء السكري النمط 2 على أن زيادة الأكل خاصة المترافق مع السمنة وقلة النشاط يترافق مع تطور هذا النمط من الداء السكري وأظهرت دراسات موجهة أكثر أن الأشخاص متوسطي العمر المصابين بالداء السكري يأكلون أكثر من أشقائهم غير السكريين بشكل واضح كما أنهم أسمن وأقل نشاطاً منهم. ورغم أن غالبية الأشخاص متوسطي العمر المصابين بالداء السكري بدينون فإن عدداً قليلاً فقط من الأشخاص البدينين يصابون بالداء السكري، وعلى الأرجح تعمل السمنة كعامل محدث للسكري (عن طريق زيادة المقاومة لعمل الأنسولين) عند الأشخاص المؤهبين وراثياً لحدوث النمط 2 من الداء السكري.

2. سوء التغذية داخل الرحم Malnutrition in Utero:
أظهر التحليل الاستعادي Retrospective Analysis لوزن الولادة عند الذكور المولودين في إنكلترة في ثلاثينات القرن الماضي أن هناك علاقة عكسية بين الوزن عند الولادة وبعمر السنة وتطور النمط 2 من الداء السكري في مرحلة الكهولة المتأخرة. وقد افترض (لكن لم يثبت بعد) أن سوء التغذية داخل الرحم قد يبرمج تطور خلايا بيتا والوظائف الاستقلابية في مرحلة حرجة بحيث يؤهب لحدوث النمط 2 من الداء السكري في مرحلة لاحقة من العمر. كما اتهم التدخين أثناء الحمل أيضاً.

3. العمر:
يعتبر العمر عامل خطورة هاماً لحدوث النمط 2 من الداء السكري. وتحدث أكثر من 70% من كل حالات الداء السكري في بريطانيا بعد عمر 50 عاماً. إن النمط 2 من الداء السكري مرض متوسطي العمر والكهول بشكل رئيسي ويصيب 10% من السكان فوق عمر 65 عاماً.

4. الحمل:
ينقص التحسس للأنسولين أثناء الحمل الطبيعي بسبب تأثير هرمونات المشيمة وهذا ما يؤثر على تحمل الغلوكوز. إن الخلايا المفرزة للأنسولين في الجزر البنكرياسية قد تكون غير قادرة على مواجهة هذه الاحتياجات الزائدة عند النساء المؤهبات وراثياً للإصابة بالداء السكري. إن تعبير الداء السكري الحملي Gestational Diabetes يدل على فرط سكر الدم الحادث لأول مرة خلال الحمل. قد يؤدي تكرار الحمول إلى زيادة احتمال تطور داء سكري غير قابل للعكس خاصة عند النساء البدينات، وإن 80% من النساء المصابات بالسكري الحملي يحدث في النهاية لديهن داء سكري سريري دائم يحتاج للمعالجة.

C. إمراض النمط 2 من الداء السكري:
1. مقاومة الأنسولين:
إن زيادة إنتاج الغلوكوز الكبدي والمقاومة لعمل الأنسولين في العضلات أمران ثابتان عند كل مرضى النمط 2 من الداء السكري البدينين وغير البدينين. وقد تكون مقاومة الأنسولين ناجمة عن أي من الأسباب الثلاثة العامة التالية وهي وجود جزيء أنسولين شاذ أو كمية زائدة من الضواد Antagonists الجائلة أو عيوب النسيج المستهدف، ويعتبر السبب الأخير أشيع سبب لمقاومة الأنسولين في النمط 2 من الداء السكري ويبدو أنه شذوذ مسيطر عند الأشخاص المصابين بفرط سكر الدم الأكثر شدة.

إن المظهر المميز للنمط 2 من الداء السكري هو ترافقه غالباً مع اضطرابات طبية أخرى تشمل السمنة وفرط ضغط الدم وفرط شحميات الدم وقد اقترح أن هذه المجموعة من الحالات (والتي تؤهب كلها للداء القلبي الوعائي) هي كينونة خاصة (متلازمة المقاومة للأنسولين أو المتلازمة الاستقلابية) مع كون المقاومة للأنسولين هي العيب الرئيسي (انظر الجدول 14).

الجدول 14: بعض مظاهر متلازمة المقاومة للأنسولين (المتلازمة الاستقلابية).

·  فرط أنسولين الدم.

· النمط 2 من الداء السكري أو تحمل الغلوكوز المضطرب.

·  فرط ضغط الدم.

· ارتفاع ثلاثيات الغليسريد وانخفاض كولسترول HDL.

·  السمنة المركزية (الحشوية).

·  البيلة الألبومينية الزهيدة.

·  زيادة الفبرينوجين.

·  زيادة مثبط مفعل مولد البلازمين –1.

·  ارتفاع حمض يوريك المصل.

ملاحظة: تعرف هذه المجموعة من المظاهر أيضاً بمتلازمة ريافن Reaven’s Syndrome أو المتلازمة X وهي تترافق بقوة مع التصلب العصيدي. ويتظاهر ذلك بداء الأوعية الكبيرة (الإكليلية، المخية، المحيطية) وزيادة نسبة الوفيات.

2. فشل خلايا بيتا البنكرياسية:
يحدث في النمط 2 من الداء السكري نقص معتدل فقط في الكتلة الإجمالية لنسيج الجزيرات البنكرياسية، وهذا يتوافق مع انخفاض يمكن قياسه في تركيز أنسولين البلازما عندما يربط مع مستوى غلوكوز الدم. وهناك بعض التبدلات المرضية الوصفية للنمط 2 من الداء السكري وأكثر هذه التبدلات ثباتاً هي ترسيب المادة النشوانية. ويترافق هذا الأمر مع ضمور النسيج الطبيعي خاصة الخلايا الظهارية للجزيرات البنكرياسية. تتكون المادة النشوانية في الجزيرة من لييفات لا ذوابة تتشكل من عديد ببتيد نشواني جزيري (يدعى أيضاً الأميلين Amylin).

إن وجود كميات صغيرة من المادة النشوانية في الجزيرة أمر شائع عند المرضى الكهول غير المصابين بالداء السكري، وإن دور المادة النشوانية الجُزيرية في إمراض النمط 2 من الداء السكري أمر غير مؤكد. ومن المرجح أن ترسيب المادة النشوانية ليس هو سبب الداء السكري إنما يعكس عملية مرضية يزداد حدوثها في النمط 2 من الداء السكري. ومع ذلك فقد وجد الداء النشواني الأكثر شدة عند المرضى الذين ترقت حالتهم إلى معالجة الإعاضة بالأنسولين مما يقترح أن وظيفة الجزيرة قد تصبح ناقصة نتيجة ترسيب المادة النشوانية.

تنقص أعداد خلايا بيتا بنسبة 20-30% في النمط 2 من الداء السكري بينما لا تتغير كتلة الخلايا ألفا ويزداد إفراز الغلوكاغون الذي يساهم في فرط سكر الدم. تميل المقاومة للأنسولين إلى رفع غلوكوز الدم وهذا ينبه إفراز الأنسولين لمنع حدوث ارتفاع سكر الدم (انظر الشكل 9).

الشكل 9: القدرة الإفرازية للأنسولين في النمط 2 من الداء السكري.
يلاحظ في القصة الطبيعية لوظيفة الخلايا بيتا في النمط 2 من الداء السكري أن إفراز الأنسولين يزداد في البداية للمعاوضة عن مقاومة الأنسولين لكن ذلك يفشل في النهاية مؤدياً لحدوث النمط 2 من الداء السكري. تم إظهار تراكيز أنسولين البلازما على الريق إضافة إلى تركيز غلوكوز البلازما على الريق. يدعى هذا المرتسم باسم (منحنى ستارلينغ للبنكرياس). 

وعندما يتم تجاوز القدرة الإفرازية العظمى للأنسولين فإن أي زيادة إضافية في مستويات غلوكوز الدم على الريق تسبب انخفاضاً في تولد الأنسولين (انظر الشكل 10).

الشكل 10: القصة الطبيعية للنمط 2 من الداء السكري.
في المرحلة الباكرة من المرض تكون الاستجابة لمقاومة الأنسولين المترقية هي زيادة إفراز الأنسولين من الخلايا البنكرياسية مما يسبب فرط أنسولين الدم. وفي النهاية تكون خلايا بيتا غير قادرة على المعاوضة بشكل كاف ويرتفع غلوكوز الدم مؤدياً إلى فرط سكر الدم. ومع حدوث فشل إضافي في خلايا بيتا (النمط 2 من الداء السكري) يتدهور ضبط سكر الدم وتزداد احتياجات المعالجة. 

تشمل الآليات المحتملة لانهيار معاوضة الخلايا بيتا سمية الغلوكوز Glucotoxicity والفشل في إنتاج الأنسولين داخلي المنشأ والتحويل إلى مسالك شاذة تنتج نواتج عاطلة بيولوجياً مع زوال حبيبات خلايا بيتا المزمن.

إن بعض الناس المصابين بالنمط 2 من الداء السكري (ومعظمهم ليس من الأشخاص زائدي) الوزن لديهم فشل خلايا بيتا متقدم وقت التشخيص، وهؤلاء يحتاجون إلى المعالجة المبكرة بالأنسولين.


ديفيدسون Davidson's